فصل : مع أبي حنيفة لا يعدل عن إذا وجدت ، وخير إبل الدية أبو حنيفة بين الإبل وبين الدراهم والدنانير استدلالا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بجميعها فدل على التخيير فيها ولأن العاقلة تتحملها مواساة مكان التخيير فيها أرفق ككفارة اليمين ، ولأن الدراهم والدنانير أصول الأموال فلم يجز أن تجعل فرعا للإبل .
ودليلنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتضى أن تكون الإبل أصلا لا يعدو عنها إلا بعد العدم . ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أكرموا الإبل فإن فيها رقوء الدم فخصها بهذه الصفة ، لأنها تبذل في الدية فيعفى بها عن القود فدل على اختصاصها بالحكم .
[ ص: 229 ] وروى عطاء قال : كانت الدية بالإبل حتى قومها عمر بن الخطاب ، قال الشافعي : ما قومها إلا قيمة يومها . وإذا كان العدول عنها قيمة لها لم تستحق القيم إلا بعد العدم ، لأن ما استحقه الآدميون من حقوق الأموال إذا تعينت لم يدخلها تخيير كسائر الحقوق ، وليس لما احتيج به من قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بجميعها وجه لاحتمال قضائه بذلك مع الإعواز والعدم ، ولا توجب المواساة بها التخيير فيها كما لا يخير بين ما سوى الدنانير والدراهم وبين غيرها من العروض والسلع وكذلك قوله " أنها أرفق " .