فصل : وإن وجبت الدية على العاقلة ، وفي وجوبها قولان : ثبتت جناية الخطأ بالبينة
أحدهما : وجبت عليهم ابتداء من غير أن يتوجه وجوبها على الجاني .
والقول الثاني : أنها وجبت على الجاني ثم تحملتها العاقلة عنه ، وعاقلته عصبته ، فإن عدموا فجميع المسلمين في بيت مالهم ، لأن دين الحق قد عقد الموالاة بينهم فصار المسلم لا يعدم عصبة ، وإذا كان كذلك لم يخل مخرج عفوه من أن يكون وصية أو إبراء فإن كان وصية على ما ذكرنا فلا يخلو حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يجعلها للعاقلة فيقول : قد وصيت بها وبما يحدث منها لعاقلته فتصح هذه الوصية في ثلثه إذا احتملها ، وتبرأ العاقلة منها ، سواء أجيزت الوصية للقاتل أو ردت ، لأن العاقلة غير قتلة .
[ ص: 206 ] والقسم الثاني : أن يجعلها للقاتل فيقول : قد وصيت بها وبما يحدث منها للجاني فإن ردت الوصية للقاتل وجبت الدية على العاقلة لورثة المقتول ، فإن أجيزت الوصية للقاتل فإن له استيفاءها من عاقلته ، لأنها وصية له بما عليهم ، سواء قيل بوجوبها عليهم تحملا أو ابتداء ، لأنهم تحملوها ساعة وجوبها عليه من غير مهلة فصارت الوصية بها بعد استحقاقها عليهم .
والقسم الثالث : أن يجعل الوصية بها مطلقة فيقول قد وصيت بها وما يحدث منها ، ولا يسمى الموصي له بها ، فهذه وصية باطلة ، لأنها لغير مسمى ، وللورثة استيفاؤها من العاقلة .