فصل : فأما إذا فينظر ، فإن قطع المجني عليه لحما ميتا فلا تأثير للقطعة ، لأن قطع الميت لا سراية له ، والجاني هو القاتل وحده ، والقود عليه في النفس واجب ، فإن عفا عنه فجميع الدية ، وإن قطع لحما حيا فالموت من سرايتها والجاني أحد القاتلين بوفاق قطع الجاني قطعة لحم من بدن المجني عليه فخاف المجني عليه سرايتها فقطع ما يليها فمات أبي حنيفة ، لأن محل الجناية عنده إذا كان باقيا حدثت السراية عنهما ، وإن أزاله الثاني كانت السراية عن الثاني ، وعندنا أنه لا فرق بين بقاء محل الجناية وزواله في حدوث السراية عنهما ، ويكون القود هاهنا على الجاني محمولا على [ ص: 176 ] ما قدمناه من اختلاف أصحابنا ، فيكون على قول ابن أبي هريرة على قولين ، وعند أبي إسحاق المروزي : لا قود عليه ، قولا واحدا وعليه نصف الدية ، وهكذا لو أن المجروح خاط جرحه فمات فإن خاطه في لحم ميت فالجارح هو القاتل وعليه القود في النفس أو جميع الدية ، وإن خاطه في لحم حي كان الجارح أحد القاتلين وكان وجوب القود على ما ذكرناه من اختلاف أصحابنا في القولين .