فصل : سراية الجناية مضمونة على الجاني ، وسراية القصاص غير مضمونة على المقتص ، فإذا ، كانت نفسه مضمونة على الجاني ، ولو مات الجاني من القصاص كانت نفسه هدرا لا يضمنها المقتص . قطع رجل يد رجل فاقتص المجني عليه من الجاني ، ثم مات المجني [ ص: 126 ] عليه من القطع
وقال أبو حنيفة : سراية القصاص مضمونة على المقتص كما أن سراية الجناية مضمونة على الجاني ، فإذا مات الجاني مع سراية القصاص ضمن المقتص جميع دية نفسه على عاقلته ، استدلالا بأن ما حدث عن المباشرة كان مضمونا على المباشر كالجاني .
ولأن لتخيير وليه بين فعله وتركه كضرب الرجل لزوجته والأب لولده ، ثم ثبت أن ما حدث من التلف عن ضرب الزوج والأب مضمون عليهما كذلك ما حدث عن القصاص يجب أن يكون مضمونا على المقتص . القصاص مباح وليس بلازم
ودليلنا قول الله تعالى ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل [ الشورى : 41 ] وروي عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - أنهما قالا : من مات من حد أو قصاص فلا دية له ، الحق قتله . وليس لهما مخالف فصار إجماعا ، ولأن ما استحق قطعه بالنص لم يضمن سرايته كالسرقة ، ولأن السراية معتبرة بأصلها فإن كان مضمونا لحظره ضمنت سرايته ، وإن كان هدرا لإباحته لم يضمن سرايته اعتبارا بالمستقر في أصول الشرع بأن من أوقد نارا في ملكه فتعدت إلى جاره ، أو أجرى الماء في أرضه فجرى إلى أرض غيره لم يضمن ، ولو أوقد النار في غير ملكه وأجرى الماء في غير أرضه ضمن بتعديهما ، ولو ولو حفرها في غير ملكه ضمن ما سقط فيها كذلك سراية القصاص عن مباح فلم يضمن وسراية الجناية عن محظور فضمنت ، وهذا دليل وانفصال عن الجمع بين السرايتين ، وما ذكره من ضرب الزوج والأب فالفرق بينه وبين القصاص تقدير القصاص بالشرع نصا ، فلم يضمن والضرب عن اجتهاد فضمن ، كما لا يضمن ما حدث عن جلد الزاني ويضمن ضرب التعزير . حفر بئرا في ملكه لم يضمن ما سقط فيها