فصل : فإذا تقررت هذه المقدمات الخمس اشتمل مسطور المسألة على خمسة فصول :
أحدها : رجل جنى على خنثى مشكل .
والثاني : امرأة جنت على خنثى مشكل .
والثالث : خنثى مشكل جنى على رجل .
والرابع : خنثى مشكل جنى على امرأة .
والخامس : خنثى مشكل جنى على خنثى مشكل .
فأما الفصل الأول : وهو المسطور إذا وطالب بعد الاندمال بحقه من القود والدية ، لم يجز أن يحكم له مع بقاء الإشكال بالقود حتى يبين أمره ، فإن بان رجلا وجب له القود في ذكره وأنثييه : لأنهما من أصل الخلقة فأقيد بما كافأهما ، وأعطي حكومة في الشفرين ، لأنهما زائدان على [ ص: 91 ] الخلقة ، فإن عفا عن القود أعطي ديتي رجل إحداهما في الذكر ، والأخرى في الأنثيين ، وحكومة في الشفرين . قطع رجل ذكر خنثى مشكل وأنثييه وشفريه ،
وإن بان الخنثى امرأة فلا قود على الرجل الجاني في ذكره ولا في أنثييه ، لأنهما زائدان في خلقة المرأة ، وأعطيت دية امرأة في الشفرين ، وحكومة في الذكر والأنثيين .
وإن بقي الخنثى على إشكاله ، ولم يتعجل بيانه ، وطالب بحقه ، نظر ، فإن عفا عن القود أعطي أقل حقيه وهو أن يجري على حكم المرأة فيعطى دية في الشفرين ، وحكومة في الذكر والأنثيين ، فإن بان امرأة فقد استوفت حقها ، وإن بان رجلا كمل له ديتا رجل في الذكر والأنثيين ، وحكومة في الشفرين .
فإن تعجل الطلب ولم يعف عن القود كان القود موقوفا على زوال الإشكال ، واختلف أصحابنا في إعطاء المال على وجهين :
أحدهما ، وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : لا يعطى المال ، ويكون موقوفا على زوال الإشكال ، كما وقف القود ، لأن في إعطاء المال سقوط القود ، وهو يطالب بالقود فسقطت المطالبة بالمال .
والوجه الثاني : وهو قول جمهور أصحابنا أنه يعطى من المال أقل ما يستحقه مع القود ، لأنه يستحق القود في عضو ، ويستحق المال في غيره فلم يكن في إعطائه عفو عن القود ، والذي يعطاه من المال حكومة في الشفرين كوقوف القود في الذكر والأنثيين ، إذا بان رجلا .
وقال أبو حامد المروزي في " جامعه " : يعطى دية الشفرين وهذا خطأ : لأن الذي يعطاه مالا يسترجع منه إن أقيد ، وقد تبين رجلا فيقاد من ذكره وأنثييه ، ويستحق الحكومة في شفريه ، ولو أعطاه الدية لا يسترجع منها ما زاد على الحكومة ، فلذلك اقتص به على قدر الحكومة ، وروعي ما سبق من أمره فإن بان رجلا أقيد من ذكره وأنثييه ، وقد استوفى حكومة شفريه ، وإن بان امرأة سقط القود وكمل لها دية الشفرين ، وحكومة في الذكر والأنثيين .