مسألة : قال الشافعي : فالدية والكفارة ولا قود للحال الحادثة . ولو جرحه مسلما فارتد ثم أسلم ثم مات
قال الماوردي : وصورتها في مسلم جرح مسلما ثم ارتد ثم أسلم ثم مات مسلما ، فلا يخلو زمان ردته من أن تسري فيه الجناية أو لا تسري .
فإن كان زمانا لا تسري فيه الجناية في مثله لقربه وقصره ، فالدية تامة : لأن النفس تلفت من جناية وسراية ، وهو مضمون النفس في حال الجناية وحال السراية ، فوجب أن تكمل فيه الدية ، ولا يؤثر فيها زمان الردة إذ ليس له تأثير في السراية .
فأما القود ففيه قولان :
أحدهما : يجب فيه القود : لأنه لما لم تؤثر الردة في الدية لم تؤثر في سقوط القود .
والقول الثاني : يسقط القود في النفس : لأنه قد صار بالردة في حال لو مات عليها سقط القود ، فلم يستحقه بالانتقال عنها كالمبتوتة إذا ارتدت ثم أسلمت قبل موت زوجها لم ترثه : لأنه لو مات في ردتها لم ترثه وعليه الكفارة في الأحوال : لأنه قد ضمن دية النفس كاملا فصار قاتلا ، وإن كانت الردة في زمان تسري الجناية في مثله لطوله ، فلا قود فيه : لأن مستحق ضمان النفس في حال الجناية والسراية وبعض السراية المقابل لزمان الردة غير مضمون ، فصار الضمان مختصا بالجناية وبعض السراية ، وساقطا عن بعض السراية ، فسقط في الحالين ، لأن القود لا يتبعض وجرى مجرى عفو أحد الوليين عن القود ، يوجب سقوطه في حقهما : لأن القود لا يصح فيه [ ص: 56 ] التبعيض فإذا سقط القود ففي قدر ما تستحقه من الدية ثلاثة أقاويل :
أحدها : جميع الدية لاعتبارها بحال الجناية واستقرار السراية ، وهو فيهما مسلم مضمون الدية ، فعلى هذا عليه الكفارة : لأنه قاتل .
والقول الثاني : عليه نصف الدية ، لأنه مات من جناية وسراية ، بعضها مضمون وبعضها غير مضمون ، فصار كمجروح جرح نفسه ثم مات كان على جارحه نصف الدية ، وعلى هذا يجب الكفارة : لأنه قد صار في حكم أحد القاتلين .
والقول الثالث : عليه أرش الجرح ، ويسقط ضمان السراية : لأن سراية الإسلام حادثة عن سراية الردة ، فصارت تبعا لها في سقوط الضمان ، فعلى هذا لا كفارة عليه : لأنه على هذا القول جارح وليس بقاتل .
فإذا ثبت هذا فما استحق فيه من قود ودية فهو لوارثه : لأنه مات مسلما فورثه .