فصل : فإذا وضح طهارة المني بما ذكرنا فلا فرق بين مني الرجل ، ومني المرأة ، وحكى ابن القاص في كتاب " المفتاح " ، عن أبي العباس في قولين ، وحكى مني المرأة الكرابيسي ، عن الشافعي في القديم : نجاسة المني ، وكل هذا غلط ، أو وهم ليس يعرف عن الشافعي نص عليه ، ولا إشارة إليه ، بل صح بطهارة جميعه في القديم ، والجديد إلا إنا نستحب غسله إن كان رطبا ، وفركه إن كان يابسا للخبر .
فأما ففيها وجهان : العلقة
أحدهما : طاهرة وهو الصحيح ، وقد حكاه الربيع ، عن الشافعي ، عن المعنى الموجب لطهارة المني موجود فيها .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق : إنها نجسة : لأن الشيء قد يكون طاهرا ، ثم يستحيل نجسا ، ثم يعود طاهرا كالعصير إذا اشتد ، فصار خمرا ، ثم انقلب فصار خلا قال : وكذلك البيض إذا صار علقة ، وأما ففيه ثلاثة أوجه : مني ما سوى الآدميين من الحيوانات الطاهرات
[ ص: 254 ] أحدها : أن منيها طاهر ، لأنه يتولد من حيوان طاهر .
والوجه الثاني : أن منيها نجس ، لأنه لما كان نجسا إذا مات بعد حياته وجب أن يكون نجسا في حال موته قبل حياته ، لأن حكم الموات الأول ك ( حكم ) الموات الثاني ، قال الله تعالى : ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين [ غافر : 11 ] . ألا ترى ابن آدم لما كان طاهرا بعد موته حكم له بالطهارة قبل حياته .
والوجه الثاني : أن مني ما يؤكل لحمه طاهر ، ومني ما لا يؤكل لحمه نجس اعتبارا بلبنه .