مسألة : قال الشافعي : " وفي الثياب زينتان إحداهما جمال اللابسين وتستر العورة قال الله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد [ الأعراف : 31 ] فالثياب زينة لمن لبسها فإذا أفردت العرب التزين على بعض اللابسين دون بعض ، فإنما من الصبغ خاصة وكذلك الصوف والوبر وكل ما نسج على وجهه لم يدخل عليه صبغ من خز أو غيره ، وكذلك كل صبغ لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد وما صبغ ليقبح لحزن أو لنفي الوسخ عنه ، وصباغ الغزل بالخضرة يقارب السواد لا الخضرة الضافية وما في معناه ، ولا بأس أن تلبس الحاد كل ثوب من البياض لأن البياض ليس بمزين " . قال فأما ما كان من زينة أو شيء في ثوب وغيره فلا تلبسه الحاد الماوردي : وقد استوفينا نقل هذا الفصل ؛ لأنه مشروح ، ونحن نشير إلى علله .
وجملة الثياب ضربان : أحدهما : ما كان على جهته لم تدخل عليه زينة وإن كان في نفسه زينة يتزين بها اللابس ، ويستر بها العورة على ما سماها الله تعالى به من الزينة في قوله : خذوا زينتكم عند كل مسجد [ الأعراف : 31 ] وذلك هو البياض من جميع الثياب فمنها القطن أرفعه وأدونه ومنها الكتان أرفعه وأدونه سماه الشافعي ثياب الورع ، ومنها الوبر أرفعه وهو الخز وأدونه وهو المعزى ، ومنها الصوف أرفعه وأدونه ، ومنها الإبريسم وهو رفيع الجنس فيجوز لها لبس البياض كله مقصورا وخاما ؛ لأن القصارة كالغسل في إنقاء الثوب وإذهاب وسخه ، فإن كان على بياض الثياب طرز ، فإن كانت أعلاما كبارا لم يجز أن تلبسها ؛ لأنها زينة ظاهرة قد أدخلت على الثوب ، وإن كانت صغارا خفية ففيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنها زينة تمنع من لبسها . [ ص: 281 ] والثاني : أنها عفو لا تمنع من لبسها لخفائها . والثالث : أنها إن ركبت بعد النسج كانت زينة محضة تمنع من لبسها ، وإن كانت نسيجة معها لم تمنع من لبسها : لأنها غير مزيدة في الثوب .