مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وكل كحل كان زينة فلا خير فيه لها ، فأما الفارسي وما أشبهه إذا احتاجت إليه فلا بأس لأنه ليس بزينة بل يزيد العين مرها وقبحا وما اضطرت إليه مما فيه زينة من الكحل اكتحلت به ليلا وتمسحه نهارا " . قال الماوردي : وهو كما قال ، : لأنه زينة ولا يزيل الشعث ، وهو ضربان : أحدهما : ما فيه زينة كالإثمد وهو الأسود ، والصهر وهو الأصفر فهو زينة : لأن الأسود يصير عند الاكتحال به كالخطة السوداء في أصول أهداب العينين بين بياضين ، بياض العين ، وبياض المحاجر فصار تحسينا لها وزينة ، فأما الأصفر فإنه يصفر موضعه ويحسنه كالخضاب فلأجل الزينة منعت منه المعتدة ، روت وحظر الكحل مختص بالمعتدة دون المحرمة ، قالت : أم سلمة كل ذلك يقول لا ؛ ولأن التزين بذلك مما يعطف أبصار الرجل فيدعوهم إلى شهوتها . والضرب الثاني : منه جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن بنتي توفي زوجها عنها وقد اشتكت عينيها فنكحلها ؟ فقال : لا ، مرتين أو ثلاثا ؛ لأنه لا تحسين فيه بل يزيد العين مرها وقبحا ، ولا وجه لما قاله بعض أصحابنا أنه زينة لبيض النساء ، وليس بزينة لسمرهن وسودهن كنساء ما لا زينة فيه كالفارسي ، وهو الأبيض من البرود والعنزروت والتوتيا فلا بأس باستعماله مكة فيمنع منه البيض ولا يمنع منه السمر والسود ، بل هو في جميع النساء إلى اختلاف ألوانهن مباح ، ولو اختلف حكمه لاختلاف الألوان للنساء لكان الأبيض بالسمر والسود أحرى أن يكون زينة منه بالبيض ، ولكان الأسود منه مختلف الحكم في البيض والسود ، وهذا فاسد : لأن الاعتبار بلونه لا بلون مستعمله ، فإن جاز : لأنه يزيد ما سوى العين من البدن تشويها وقبحا إلا الأصفر منه الذي له لون إذا طلي به الجسد كالصبر حسنه فتمنع منه فيما ظهر من الجسد كالوجه ولا تمنع منه فيما يظن لامتداد الأبصار إلى ما ظهر دون ما بطن فإن [ ص: 279 ] استعملت المعتدة كحل الزينة في غير عينها من يدها استعملته ليلا ومسحته نهارا : روت اضطرت المعتدة إلى استعمال كحل الزينة لمرض بعينها رضي الله عنها أنها قالت : أم سلمة أبي سلمة ، وقد جعلت على عيني صبرا ، فقال : ما هذا يا ، فقالت : إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب ، قال : إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار أم سلمة . دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا حادة على