مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن عمل في الصلاة عملا قليلا مثل دفعه المار بين يديه ، أو قتل حية ، أو ما أشبه ذلك لم يضره "
[ ص: 186 ] قال الماوردي : وهو كما قال
وجملة ضربان : الأعمال الواقعة في الصلاة من غير جنسها
أحدهما : أن يكون فمتى أوقعه في الصلاة أبطلها عامدا كان ، أو ناسيا ، لأنه يقطع الموالاة ويمنع متابعة الأذكار ، ولا حد لطوله ، ولكن يرجع فيه إلى ما يتعارفه الناس ، فإن قيل : فلم لا كانت الصلاة جائزة مع العمل الطويل كما جازت مع كلام الناس ، وإن طال قيل : في كلام الناس إذا طال وجهان : عملا طويلا
أحدهما : تبطل صلاته ، فعلى هذا قد استويا
والثاني : وهو أصح لا يبطلها
والفرق بينهما : أن حكم الأفعال أغلظ من حكم الأقوال ألا ترى أن يلزمه القود في أصح القولين ، المكره على القتل لا يلزمه الطلاق ، فلما افترقا في تغليظ الحكم افترقا في إبطال الصلاة والمكره على الطلاق
والضرب الثاني : : من العمل ما كان قليلا فعلى ضربين
أحدهما : أن يقصد به منافاة الصلاة فتبطل صلاته ، لأنه قصد الخروج من صلاته من غير إحداث عمل بطلت صلاته فلأن تبطل بالقصد مع العمل أولى
والثاني : أن لا يقصد منافاة الصلاة فصلاته جائزة لقوله صلى الله عليه وسلم : " " ، فمن ذلك أن يدفع في صلاته مارا ، أو يمنع مجتازا ، فلا تبطل صلاته لرواية صلاة المؤمن لا يقطعها شيء وادرؤا ما استطعتم أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ومن ذلك أن يفتح بابا ، أو يخطو خطوة ، فلا تبطل صلاته لرواية إذا صلى أحدكم فلا يدع أحدا يمر بين يديه فليدرأ ما استطاع ، فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ففتح لي
ومن ذلك أن يستند على حائط ، أو يعتمد على عصا فلا تبطل صلاته
لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كان ثابتا يعتمد في صلاته على وتد بالمدينة مشاهدا حتى قلع سنة أربع وستين وثلاث مائة ، ومن ذلك أن بضربة ، أو ضربتين فلا تبطل صلاته : لرواية يقتل حية أو عقربا أبي هريرة قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقتل في الصلاة الأسودين الحية ، والعقرب
[ ص: 187 ] ومن ذلك أن فلا تبطل صلاته لرواية يحمل في صلاته صبيا أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا ركع وضعها ، وإذا رفع حملها أمامة بنت أبي العاص ، صلى وعلى عاتقه
وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يحمل الحسن والحسين عليهما السلام في صلاته
وفي ذلك دليل على جواز الصلاة في ثياب الصبيان ومن ذلك أن يصلح ثوبه ويعبث بلحيته فلا تبطل صلاته لرواية مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مس لحيته في الصلاة