مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله : " والتشهد أن يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله " . يقول هذا في الجلسة الأولى وفي آخر صلاته "
قال الماوردي : وهو كما قال
وقد مضى في وجوب التشهد
وأما فمختلف فيه لاختلاف رواته فروى الكلام في أفضله ابن مسعود ، رضي الله عنه ، تشهدا ، وروى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، تشهدا ، وروى ابن عباس ، رضي الله عنه ، تشهدا
فأما تشهد ابن مسعود فرواه سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود قال : محمدا عبده ورسوله كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا : السلام على الله قبل عباده ، السلام على فلان وفلان . فقال رسول الله : " لا تقولوا السلام على الله فإن الله عز وجل هو السلام ، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن
فأخذ بهذا التشهد أبو حنيفة والعراقيون
وأما تشهد عمر ، رضي الله عنه ، فرواه الزهري عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وهو على المنبر يعلم الناس [ ص: 156 ] التشهد : " قولوا التحيات لله الزاكيات لله الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله "
فأخذ بهذا التشهد مالك ، والمدنيون
فأما تشهد ابن عباس فرواه الشافعي عن يحيى بن حسان ، عن الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير ، وطاوس ، عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
فأخذ بهذا التشهد الشافعي ، والمكيون وهذا بإسقاط الألف واللام من السلام في الموضعين ، ورواه أبو داود بإثبات الألف واللام ، وما اختاره الشافعي من ابن عباس أولى من وجوه تشهد
منها : زيادة على الروايات بقوله المباركات ، ولتعليم النبي صلى الله عليه وسلم له كتعليم القرآن ولتأخره عن رواية غيره ، والأخذ بالمتأخر أولى ولقوله تعالى : تحية من عند الله مباركة طيبة [ النور : 61 ] . وما وافق كتاب الله ، عز وجل ، أولى ، وبأي هذه الروايات تشهد أجزأه ، وكان أبو العباس بن سريج يقول : كل ذلك من الاختلاف المباح الذي ليس بعضه أولى من بعض ، كما قال في الأذان وليس كما قال