فصل : وما ؟ فهي إلى رأي الحاكم واجتهاده ، غير أن قدر المتعة الشافعي استحسن في موضع من القديم أن يكون بقدر خادم ، وحكاه عن ابن عباس ، واستحسن فيما نقله المزني في هذا الموضع أن يكون بقدر ثلاثين درهما ، وحكاه عن ابن عمر ، وليس فيما ذكره تقدير لا تجوز الزيادة عليه ، ولا النقصان منه ؛ لاختلافه باختلاف العادات في أجناس الناس وبلدانهم ، كالمهر الذي لا ينحصر بقدر ، وما وجب ولم ينحصر بمقدار شرعي كان تقديره معتبرا باجتهاد الحاكم .
وقال أبو حنيفة : هي مقدرة بنصف مهر المثل ، ولا يجوز أن يكون أقل من خمسة دراهم ؛ لأنه نصف أقل ما يكون مهرا عنده .
وهذا فاسد ؛ لأن التحديد بنصف المهر إن لم يوجد شرعا ، فليس في الاجتهاد ما يقتضيه ، ولا نجعله بالنصف أخص منه بالثلث أو الربع ، فإن قيل : لأن غير المدخول بها تستحق نصف الصداق .
قلنا : فقد أوجبت الصداق وأسقطت المتعة .
وفي إجماعنا على إيجاب المتعة وإسقاط الصداق دليل على الفرقة بين المتعة والصداق .
وليس ما استحسنه الشافعي من قدر ثلاثين درهما قولا بالاستحسان الذي ذهب إليه أبو حنيفة ، ومنع منه الشافعي ؛ لأنه قرنه بدليل ، وهو يمنع من استحسان بغير دليل .