[ القول في حرام ] النكاح إذا كان بمهر مجهول
مسألة : قال الشافعي : " فلو عقد بمجهول أو بحرام ، ثبت النكاح ولها مهر مثلها " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا عقد النكاح بمهر مجهول أو حرام ، كان النكاح جائزا ولها مهر مثلها . وهو قول جمهور العلماء .
وقال مالك في أشهر الروايتين عنه : إن النكاح باطل بالمهر الفاسد ، وإن صح بغير مهر مسمى .
استدلالا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح الشغار : لفساد المهر فيه .
قال : ولأنه عقد نكاح بمهر فاسد فوجب أن يكون باطلا كالشغار ، ولأنه عقد معاوضة ببدل فاسد ، فوجب أن يكون باطلا كالبيع .
قال : ولئن صح النكاح بغير مهر ، فلا يمتنع أن يبطل بفساد المهر ، كما يصح البيع بغير أجل وغير خيار ، ويبطل بفساد الأجل وفساد الخيار .
ودليلنا : رواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فتضمن هذا الخبر نفي النكاح بعدم الولي والشاهدين ، وإثبات النكاح بوجود الولي والشاهدين . وهذا نكاح بولي وشاهدين ، فوجب أن يكون صحيحا . لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل
ولأن فساد المهر لا يوجب فساد العقد كالمهر المغصوب ، ولأن كل نكاح صح بالمهر الصحيح صح بالمهر الفاسد كما لو أصدقها عبدا فبان حرا .
قال الشافعي : ولأنه ليس في فساد المهر أكثر من سقوطه ، وليس في سقوطه أكثر من فقد ذكره ، ولو فقد ذكره لم يبطل النكاح ، فكذلك إذا ذكر فاسدا .
[ ص: 395 ] وتحريره قياسا : أن كل ما تعلق بالمهر لم يؤثر في صحة النكاح ، قياسا على تركه .
فأما الجواب عن نكاح الشغار : فهو أنه لم يبطل بفساد المهر ، وإنما بطل بالتشريك على ما بينا .
وأما قياسه على البيع : فالمعنى فيه أنه يبطل بترك الثمن فبطل بفساده ، والنكاح لا يبطل بترك المهر فلم يبطل بفساده .
وأما استدلاله بأن البيع يبطل بفساد الخيار والأجل ، ولا يبطل بتركهما .
فالجواب عنه : أن الخيار والأجل قد قابلا جزءا من الثمن ، بدليل أن الثمن في العرف يزيد بدخول الخيار والأجل ، فإذا بطلا أوجب بطلان ما قابلهما من الثمن فصار الباقي مجهولا ، وجهالة الثمن تبطل البيع ، وليس فيما أفضى إلى فساد المهر أكثر من سقوطه ، وسقوطه لا يبطل النكاح .