[ ص: 137 ] مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وليس له أن يكره أمته على واحد من هؤلاء بنكاح " .
قال الماوردي : وهذا صحيح : للسيد أن يجبر أمته على النكاح : ليكتسب بذلك المهر والنفقة ، ولا يجبر السيد على نكاحها إذا طلبت : لأنها فراش له ، وإذا كان للسيد إجبارها : لأنها تملك في حق النكاح حق الاستمتاع : بدليل أن لها المطالبة بحق الإيلاء والعنة دون السيد ، واستمتاعها بمن ذكرنا من ذوي النقص والعيوب لا يكمل لنفور النفس عنهم ، فمنع السيد من تزويجها بهم ، فأما العبد فله تزويجها به ، وكذلك بمن لا يكافئ الحرة في حال أو نسب : لكمال استمتاعها بهم مع كونهم أكفاءها . فليس له أن يكرهها على نكاح مجنون ، ولا مجذوم ، ولا أبرص ، ولا مجبوب
فإن خالف السيد وزوجها بمن ذكرنا من ذوي النقص والعيوب ، ففي النكاح قولان على ما مضى :
أحدهما : باطل .
والثاني : جائز ، ويستحق فيه الفسخ ، وفيه وجهان :
أحدهما : على السيد أن يفسخ .
والثاني : أنه مردود إلى خيارها ، فأما إذا أراد السيد بيعها على مجنون ومجذوم وأبرص ومجبوب ، فله ذاك وليس لها الامتناع .
والفرق بين النكاح والبيع : أن مقصود النكاح الاستمتاع ، فأثر فيه ما منع منه ، ولذلك لم يصح نكاح من لا يحل الاستمتاع بها من الأخوات والعمات ، وليس المقصود في البيع إلا الملك دون الاستمتاع ، ولذلك جاز ملك من لا يحل من الأخوات والعمات ، فجاز له بيعها على من لا يقدر على الاستمتاع بها ، كما يجوز له بيعها على امرأة ، ولهذا المعنى قلنا في الأمة : إن لها القسم في عقد النكاح على الزوج ، وليس لها في المال قسم على السيد .