فصل : [ الشرط الثالث وهو الحرية ]
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=11287الشرط الثالث : وهو الحرية فلقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون [ النحل : 75 ] . فمنع من المساواة بين الحر والعبد ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم يعني عبيدهم ، فجعل العبيد أدنى من الأحرار ، ولأن الرق يمنع من الملك وكمال التصرف ويرفع الحجر للسيد ، فكان النقص به أعظم من نقص النسب ، وإذا كان كذلك لم يكن العبد كفء الحرة ولا الأمة كفء الحر ، وكذلك لا يكون المدبر ، ولا المكاتب ، ولا المعتق نصفه ، ولا من جزء من الرق ، وإن قل كفء الحرة ولا تكون المدبرة والمكاتبة ولا أم الولد ولا المعتقة نصفها ، ولا من فيها جزء من الرق ، وإن قل كفء الحر ، واختلف أصحابنا هل يكون العبد كفؤا لمن عتق نصفها ورق بعضها ، أو تكون الأمة كفؤا لمن عتق بعضه ورق بعضه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا تكون كفؤا : لأن لبعض الحرية فضلا .
والوجه الثاني : تكون كفؤا : لأن من لم تكمل حريته فأحكام الرق عليه أغلب ، ولأنه لما لم يكن من عتق بعضه كفؤا للحر تغليبا للرق صار كفء العبد ، فعلى الوجه الأول لا يكون من ثلثه حر لمن نصفه حر حتى تساوا ما فيهما من حرية ورق ، وعلى الوجه الثاني يكونان كفؤا ، وإن تفاضل باقيهما من حرية ورق ، فأما المولى فإن كان قد جرى عليه رق قبل العتق لم يكن كفء الحرة الأصل . وإن لم يكن يجري عليه رق لكونه ابن عتق من رق ، فهل يكون كفء الحرة الأصل ؟ على وجهين ، بناء على اختلاف الوجهين في موالي كل قبيلة هل يكونون أكفاءها في النكاح ، فإن قيل يكونون أكفاءها ، صار المولى كفؤا للحرة الأصل ، وإن قيل لا يكونون أكفاء لم
[ ص: 105 ] يصر المولى كفؤا للحرة الأصل ، وعلى هذين الوجهين إذا كان أحدهما مولى لعربي والآخر مولى لنبطي ، فإن قيل مولى القبيلة كفء لها في النكاح لم يكن مولى النبطي كفؤا لمولى العربي ، وإن قيل لا يكون كفؤا لها كان مولى النبطي كفؤا لمولى العربي .
فَصْلٌ : [ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ ]
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=11287الشَّرْطُ الثَّالِثُ : وَهُوِ الْحُرِّيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [ النَّحْلِ : 75 ] . فَمَنَعَ مِنَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ يَعْنِي عَبِيدَهُمْ ، فَجَعَلَ الْعَبِيدَ أَدْنَى مِنَ الْأَحْرَارِ ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ مِنَ الْمِلْكِ وَكَمَالِ التَّصَرُّفِ وَيَرْفَعُ الْحَجْرَ لِلسَّيِّدِ ، فَكَانَ النَّقْصُ بِهِ أَعْظَمَ مِنْ نَقْصِ النَّسَبِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ كُفْءَ الْحُرَّةِ وَلَا الْأَمَةُ كُفْءَ الْحُرِّ ، وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ الْمُدَبَّرُ ، وَلَا الْمَكَاتَبُ ، وَلَا الْمُعْتَقُ نِصْفُهُ ، وَلَا مِنْ جُزْءٍ مِنَ الرِّقِّ ، وَإِنْ قَلَّ كُفْءَ الْحُرَّةِ وَلَا تَكُونُ الْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَلَا أُمُّ الْوَلَدِ وَلَا الْمُعْتَقَةُ نِصْفُهَا ، وَلَا مَنْ فِيهَا جُزْءٌ مِنَ الرِّقِّ ، وَإِنْ قَلَّ كُفْءَ الْحُرِّ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ كُفُؤًا لِمَنْ عَتَقَ نِصْفُهَا وَرَقَّ بَعْضُهَا ، أَوْ تَكُونُ الْأَمَةُ كُفُؤًا لِمَنْ عَتَقَ بَعْضُهُ وَرَقَّ بَعْضُهُ أَمْ لَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : لَا تَكُونُ كُفُؤًا : لِأَنَّ لِبَعْضِ الْحُرِّيَّةِ فَضْلًا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : تَكُونُ كُفُؤًا : لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ حُرِّيَّتُهُ فَأَحْكَامُ الرِّقِّ عَلَيْهِ أَغْلَبُ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَنْ عَتَقَ بَعْضُهُ كُفُؤًا لِلْحُرِّ تَغْلِيبًا لِلرِّقِّ صَارَ كُفْءَ الْعَبْدِ ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ مَنْ ثُلُثِهِ حُرٌّ لِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ حَتَّى تَسَاوَا مَا فِيهِمَا مِنْ حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونَانِ كُفُؤًا ، وَإِنْ تَفَاضَلَ بَاقِيهُمَا مِنْ حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ ، فَأَمَّا الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ قَدْ جَرَى عَلَيْهِ رِقٌّ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ يَكُنْ كُفْءَ الْحُرَّةِ الْأَصْلِ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجْرِي عَلَيْهِ رِقٌّ لِكَوْنِهِ ابْنَ عِتْقٍ مِنْ رِقٍّ ، فَهَلْ يَكُونُ كُفْءَ الْحُرَّةِ الْأَصْلِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَوَالِي كُلِّ قَبِيلَةٍ هَلْ يَكُونُونَ أَكْفَاءَهَا فِي النِّكَاحِ ، فَإِنْ قِيلَ يَكُونُونَ أَكْفَاءَهَا ، صَارَ الْمَوْلَى كُفُؤًا لِلْحُرَّةِ الْأَصْلِ ، وَإِنْ قِيلَ لَا يَكُونُونَ أَكْفَاءً لَمْ
[ ص: 105 ] يَصِرِ الْمَوْلَى كُفُؤًا لِلْحُرَّةِ الْأَصْلِ ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَوْلَى لِعَرَبِيٍّ وَالْآخَرُ مَوْلَى لِنَبَطِيٍّ ، فَإِنْ قِيلَ مَوْلَى الْقَبِيلَةِ كُفْءٌ لَهَا فِي النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ مَوْلَى النَّبَطِيِّ كُفُؤًا لِمَوْلَى الْعَرَبِيِّ ، وَإِنْ قِيلَ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لَهَا كَانَ مَوْلَى النَّبَطِيِّ كُفُؤًا لِمَوْلَى الْعَرَبِيِّ .