فصل : وإن كان على ما قدمناه من جوازه في تفضيل حكم المال الظاهر والباطن ، فلا يخلو من أحد أمرين : رب المال هو المتولي لقسم زكاته
إما أن يكون من أهل الأمصار أو من البوادي ، فإن كان من أهل الأمصار لم يكن من خرج عن مصره من جيرانه ولا من مستحقي زكاته وجها واحدا ، بخلاف ما يقسمه العامل : [ ص: 531 ] لأننا نراعي فيما يقسمه رب المال الجوار وفيما يقسمه العامل الناحية ، ثم لا يخلو حال مصره من أحد أمرين :
إما أن يكون صغيرا أو كبيرا ، فإن كان صغيرا كان جميع أهله جيرانه ، فإن كان أهل الصدقة فيه أجانب من رب المال أو جميعهم أقارب له فجميعهم سواء وله أن يدفع زكاة ماله إلى من شاء منهم بعد أن يعطي من كل صنف ثلاثة فصاعدا ، وإن كان بعضهم أقارب لرب المال وبعضهم أجانب منه كان أقاربه أولى بزكاته من الأجانب : لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ، يعني : المعادي وقال - صلى الله عليه وسلم - : خير الصدقة على ذي الرحم الكاشح ، فإن عدل بها عن أقاربه إلى الأجانب فقد أساء وأجزأته : لأن تقديم الأقارب من طريق الأولى مع اشتراك الأقارب والأجانب في الاستحقاق ، وإن كان البلد كبيرا واسعا فقد اختلف أصحابنا هل يراعى فيه الجوار الخاص والجوار العام على وجهين : صدقتك على غير ذي رحمك صدقة ، وعلى ذي رحمك صدقة وصلة
أحدهما : أن المراعى فيه الجوار الخاص ، فعلى هذا يكون جيرانه من أضيف إلى مكانه من البلد .
وقيل : إنهم إلى أربعين دارا من داره ولا يكون جميع أهل البلد جيرانه وهذا قول .
والوجه الثاني : أنه يراعى فيه الجوار العام لقوله تعالى : والجار ذي القربى والجار الجنب [ النساء : آية 36 ] ، يعني : البعيد . فعلى هذا يكون جميع أهل البلد جيرانه وهذا هو الظاهر من قول البغداديين ، فعلى الوجه الأول : إن فرقها في غير جيرانه من أهل بلده كان ناقلا لزكاته عن محلها وعلى الوجه الثاني لا يكون ناقلا لها وهو أصح الوجهين .