فصل : فإذا ثبت أنها تصرف إلى من سماه الله تعالى من الأصناف الثمانية ، فلا يجوز صرفها إلا إلى المسلمين كما لم يجز أخذها إلا من المسلمين ، هذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد [ ص: 471 ] وإسحاق وأبي ثور ، وقال أبو شبرمة : يجوز وكذلك الكفارات . وقال صرف الزكوات كلها إلى أهل الذمة ، أبو حنيفة : يجوز أن تصرف إليهم زكاة الفطر استدلالا بقوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين [ التوبة : 60 ] وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : وبرواية في كل ذات كبد حرى أجر سعيد بن جبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى أهل الذمة من الصدقات ، ولأن كالمسلم . كل من جاز أن تدفع إليه صدقة التطوع جاز أن تدفع إليه زكاة الفطر
ودليلنا رواية أنس بن مالك فأخبر أن المأخوذ منهم هم المردود عليهم وهي من المسلمين مأخوذة ، فوجب أن تكون عليهم مردودة ؛ ولأنه مال يخرج على وجه الطهر فلم يجز دفعه إلى من ليس من أهل الطهرة قياسا على زكاة المال ؛ ولأن أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله نشدتك الله ، الله أمرك أن تأخذ الصدقة من أغنيائنا فتردها على فقرائنا ؟ فقال : نعم ، كالأغنياء وذوي القربى ، ولأن من نقص بالكفر حرم دفع الزكاة إليه كالمستأمن ؛ ولأن الله تعالى خولنا أموال المشركين استعلاء عليهم ، فلا يجوز أن نملكهم أموالنا استذلالا لهم . من لا يجوز دفع زكاة المال إليه لا يجوز دفع زكاة الفطر إليه
فأما عموم الآية والخبر مخصوصان بما ذكرنا .
وأما حديث سعيد بن جبير فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه مرسل لا يلزمنا العمل به .
والثاني : أنه محمول على صدقة التطوع .
والثالث : يجوز أن يكون افترض منهم لأهل الصدقة ، فرد عليهم الفرض من مال الصدقة .
وأما قياسهم بأنه ممن يجوز دفع صدقة التطوع إليه كالمسلم فمنتقض بذوي القربى ، ثم المعنى في المسلم أنه يجوز دفع زكاة المال إليه وليس كذا الذمي ، فكان إلحاقه بالمستأمن أولى ، والله أعلم .