فصل : وأما يدخلون في جملتهم إذا أطلقوا ، وكذلك إذا أطلق الفقراء والمساكين يدخلون في جملتهم ويميز بين الفريقين إذا جمعوا . والفقير هو الذي لا شيء له ، والمسكين هو الذي له ما يكفيه ، فصار الفقير أسوأ حالا من المسكين واستدل عليه في قسم الصدقات ، وإذا دخل الفقراء مع المساكين في سهمهم من الخمس فقد اختلف أصحابنا في مستحقيه منهم على وجهين : المساكين والفقراء
أحدهما : أنه يستوي فيه جميع المساكين من الناس كلهم لدخول المسكنة في جميعهم .
والوجه الثاني : أنه يختص به مساكين أهل الجهاد الذين قد عجزوا عنه بالمسكنة أو الزمانة ، ولا حق فيه لغيرهم من المساكين : لأن مال الغنيمة لأهل الجهاد أخص ، وليصير ذوو القدرة على الجهاد أحرص ، فعلى الوجه الأول أنه يستوي في جميع المساكين ويتعلق عليه ثلاثة أحكام :
أحدها : أنه يجوز أن يختص به بعض المساكين دون جميعهم كالزكاة .
والحكم الثاني : أنه يجوز أن يجتهد الإمام برأيه في التسوية والتفضيل بحسب الحاجة .
والحكم الثالث : أنه يجوز أن يجمع لهم بين سهمهم من الزكاة وسهمهم من الخمس وحقهم في الكفارات فيصير إليهم ثلاثة أموال .
وعلى الوجه الثاني : أنه يخص به مساكين أهل الجهاد دون غيرهم ويتعلق عليه ثلاثة أحكام :
أحدها : أنه يجب أن يفرق في جميعهم ولا يختص به بعضهم : فعلى مذهب [ ص: 439 ] الشافعي في مساكين جميع الأقاليم وعلى مذهب أبي إسحاق المروزي في مساكين إقليم الثغر المغنوم فيه دون غيره من الأقاليم .
والحكم الثاني : أنه يستوي بينهم فيه من غير تفضيل ولا يفضل ذكر على أنثى ولا صغير على كبير ، فإن اجتمع في الشخص الواحد مسكنة ويتم أعطي باليتم دون المسكنة : لأن اليتم صفة لازمة والمسكنة صفة زائلة .
والحكم الثالث : أنه لا يجمع لهم بين سهمهم من الخمس وبين سهمهم من الزكاة ؛ لتميز أهل الفيء عن أهل الزكاة وتميز مساكين الخمس عن مساكين الزكاة ، ولكن يجوز أن يدفع إليهم من الكفارات فيصير إليهم مالان ويمنعون مالا ، ولا يختص الكفارات بأحد الفريقين ، والله أعلم .