مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " " . ولو دخل يريد الجهاد فمرض ولم يقاتل أسهم له
قال الماوردي : أما الصحيح إذا حضر الواقعة فله سهمه قاتل أو لم يقاتل : لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية من حنين إلى أوطاس فغنمت ، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم وبين من أقام بحنين ولم يحضر معهم ، فكان الحاضر معهم وإن لم يقاتل أولى أن يشركهم ؛ ولأنه إذا حضر هيب وكثر وأرهب وخوف ، فصار حضوره مؤثرا كالمقاتل ؛ ولأنه ليس من عادة جميع الجيش أن يقاتل ، وإنما يقاتل بعضهم ويكون الباقون ردا لهم لتقوى نفس المقاتل بحضور من لا يقاتل .
وأما إذا حضرها وهو مريض أو كان صحيحا فمرض ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون مريضا يقدر على القتال كالصداع والسعال ونفور الطحال والحمى القرنية ، فهذا يسهم له ، لا يختلف فيه لعدم تأثيره وقلة خلو الأبدان من مثله .
والضرب الثاني : أن يكون مريضا لا يقدر على القتال معه ففي استحقاقه للسهم ثلاثة أوجه لأصحابنا : [ ص: 423 ] أحدها وهو ظاهر نص الشافعي ها هنا أنه يسهم له : لقوله - صلى الله عليه وسلم - : الغنيمة لمن شهد الوقعة ؛ ولأنه مهيب ومكثر كالصحيح ، ولأنه قد ينفع برأيه أكثر من نفعه بقتاله .
والوجه الثاني : ألا يسهم له ويعطى رضخا : لأنه مسلوب النهوض بالمرض ، فصار كالصبي والمجنون .
والوجه الثالث : أنه إن كان مريضا يخرج به من أهل الجهاد كالعمى وقطع اليدين ، أو الرجلين ، أو الزمانة المقعدة ، فلا يسهم له .
وإن كان مريضا لا يخرج به من أهل الجهاد فيرجى زواله بالعود إلى الصحة كالحمى الشديدة ورمد العين وانطلاق الجوف أسهم له : لأن الفرق بين الأمرين في فرض الجهاد فرق بينهما في استحقاق السهم ، والله أعلم .