مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن لم يبلغ ثلاث رقاب وبلغ أقل رقبتين يجدهما ثمنا وفضل فضل جعل الرقبتين أكثر ثمنا حتى يعتق رقبتين ولا يفضل شيئا لا يبلغ قيمة رقبة " .
قال الماوردي : وهذه مسألة أغفل المزني صورتها ، ونقل جوابها ، وقد ذكرها الشافعي نصا في الأم .
وصورتها في رجل قال أعتقوا بثلثي رقابا ، أو قال حرروا بثلثي رقابا .
فهذا يشترى بثلثه رقاب يعتقون عنه ولا يصرف في المكاتبين ؛ لأن ذكر العتق والتحرر صرفه عنهم .
وأقل ما يشترى به ثلاث رقاب إذا أمكنوا ، اعتبارا بأقل الجمع ، فإن اتسع للزيادة على الثلاث ، اشتري به ما بلغوا ، ولا يقتصر على الثلاث مع إمكان الزيادة ، بخلاف صرفه في المكاتبين حيث جاز الاختصار على الثلاثة مع إمكان الزيادة ؛ لأنه يجوز أن يعطى الواحد من المكاتبين قليلا أو كثيرا ، ولا يجوز في عتق الرقبة أن يزيد على ثمنها ولا ينقص منه .
فإن لم يبلغ مال الوصية ثمن ثلاث رقاب ، صرفه في رقبتين ، فإن فضل من الرقبتين فضلة ، فإن كانت الفضلة لا يقدر بها على بعض ثالثة زادها في ثمن الرقبتين ، ليكون أكثرهما ثمنا ، فتكون أكثر ثوابا .
وإن كان يقدر بالفضلة على بعض ثالثة ، ففيه وجهان ، حكاهما أبو إسحاق المروزي :
[ ص: 242 ] أحدهما : أنه يشتري بالفضلة بعض ثالثة ؛ لأن ذلك أقرب إلى الثلاث الكاملة .
والوجه الثاني وهو الظاهر من كلام الشافعي : أنها تزاد في ثمن الرقبتين ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الرقاب فقال : . أكثرها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها
ولأن في تبعيض الرقبة في العتق إدخال ضرر على الرقبة ، وعلى مالك الرقبة فيها ، فكان رفع الضرر أولى .
وأما إن اتسع الثلث لأكثر من ثلاثة رقاب ، فاستكثار العدد مع استرخاص الثمن أولى من إقلال العدد مع استكثار الثمن وجها واحدا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : . من أعتق رقبة ، أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار ، حتى الذكر بالذكر ، والفرج بالفرج