فصل : قال المزني - رحمه الله تعالى - : " قد زعم الشافعي أن فلم يورثه من حيث ورث منه ، والقياس على قوله أنه يرث من حيث يورث " . نصف العبد إذا كان حرا يرثه أبوه إذا مات ولا يرث هذا النصف من أبيه إذا مات أبوه
قال الماوردي : وهذا اعتراض من المزني على الشافعي في تعليله إبطال ميراث المرتد بأن الله تعالى أثبت المواريث للأبناء من الآباء حيث أثبت المواريث للآباء من الأبناء ، فأبطل المزني هذا التعليل عليه بالعبد إذا كان نصفه حرا أنه يورث عنده بنصفه الحر ولا يرث [ ص: 148 ] هو بنصفه الحر ، فجعل ذلك إبطالا لتعليله واحتجاجا لنفسه في أنه يرث بقدر حريته كما يورث بقدر حريته .
والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : رد لاعتراضه .
والثاني : فساد استدلاله . فأما رد اعتراضه فمن وجهين :
أحدهما : أن في ميراث المعتق نصفه قولان أصحهما لا يورث كما لا يرث ، فعلى هذا يسلم الاستدلال ويسقط الاعتراض .
والثاني : أن تعليل الشافعي كلما توجه إلى السبب الذي يشترك فيه الوارث والموروث إذا منع من أن يكون وارثا منع من أن يكون موروثا كالكفر والردة : لأن المعنى في قطع التوارث به قطع الموالاة بينهما ، وهذا معنى يشترك فيه الوارث والموروث .
فأما المعنى الذي يختص به الموروث وحده فلا ، ألا ترى أن ؟ لأن المعنى الذي منعه من الميراث خص به وغير متعد إلى وارثه ، وهكذا الذي نصفه حر قد اختص بالمعنى المانع دون وارثه ، فجاز أن يكون موروثا ولم يجز أن يكون وارثا . القاتل لا يرث وهو يورث
وأما فساد استدلاله في أنه يجب أن يرث بقدر حريته كما يورث بقدر حريته فهو أن الكمال يجب أن يكون مراعا في الوارث دون الموروث : فلذلك جعلناه موروثا : لأن وارثه كامل ولم نجعله وارثا لأنه ليس بكامل ، والله أعلم بالصواب .