مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا دعوة للمرأة إلا ببينة " .
قال الماوردي : واختلف أصحابنا في تأويل هذه المسألة على ثلاثة أوجه ، وخلافهم فيها قديم حكاه أبو إسحاق المروزي وغيره .
فأحد الوجوه الثلاثة أنه ، سواء كانت ذات زوج أو لم تكن ، بخلاف الرجل والذي يقبل منه دعوى نسبه وإن لم تكن له ببينة ، والفرق بين الرجل والمرأة أن لحوق الولد بالمرأة يمكن أن يعلم يقينا بمشاهدتها عند ولادته ، فكانت دعواها أضعف لقدرتها على ما هو أقوى ، والرجل يلحق به الولد بغلبة الظن دون اليقين ، فجاز لضعف أسبابه أن يصير ولدا لها بمجرد الدعوى . لا يقبل منها ادعاء اللقيط ولدا لنفسها إلا ببينة تشهد لها بولادته
والوجه الثاني : أنها إن كانت ذات زوج لم يصر ولدا لها بمجرد الدعوى حتى تقيم بينة بولادته ، وإن كانت غير ذات زوج قبل منها وألحق بها : لأنها إذا كانت ذات زوج أوجب لحوقه بها أن يصير لاحقا بزوجها : لأنها له فراش ، فلم يثبت ذلك إلا ببينة يثبت بها الفراش ، وإذا لم تكن ذات زوج فلحوقه بها لا يتعداها إلى غيرها كالرجل .
والوجه الثالث : أن مراد الشافعي بذلك أنه لا دعوة لها في إلحاقه بزوجها ولا في ادعائه لنفسها إلا ببينة تقيمها على ولادتها له ردا على طائفة زعمت أن المرأة إذا ادعت ولادة ولد على فراش الزوج كان قولها فيه مقبولا وصار بالزوج لاحقا ، فأما إذا أرادت أن تدعوه لنفسها ولدا فإنه يلحق بها بمجرد الدعوى كالرجل .