فصل : وإن قالت القافة حين رأوه مع الثاني : يشبهه كشبهه بالأول . لم يلحق بهما ولا بواحد منهما : لعدم البيان في القافة ، ووجب أن يوقف أمره حتى يبلغ الولد إلى زمان الانتساب فينسب إلى أحدهما ، وفي زمان انتسابه قولان :
أحدهما : البلوغ : لأنه لا حكم لقوله قبله .
والقول الثاني : إلى أن يميز باستكماله السبع أو الثمان ، وهي الحال التي يخير فيها بين أبويه عند تنازعهما في الحضانة ، فإن قيل : فهلا إذا عدم البيان في القافة أقر على بنوة الأول بما تقدم إلحاقه به إذا لم يقابل بما يوجب لحوقه بغيره ، كالمالك إذا نوزع صاحب اليد فيه ، ثم تعارضت البينتان فأسقطنا حكم تملكه لصاحب اليد ، قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن اليد تدل على الملك ، فجاز عند تعارض البينتين أن يحكم بها ، ولا تدل على النسب ، فلم يجز أن يحكم بها ، وإنما حكمنا بما سبق من الدعوى دون اليد ، وهذا فرق أبي علي بن أبي هريرة وفيه دخل : لأنه يمكن أن يقال : فهلا إذا كانت الدعوى في النسب كاليد في الملك وجب أن يحكم بها عند سقوط الحجج بالتعارض كاليد ؟ والفرق الثاني أن الأموال ليس لها بعد تعارض البينات بيان ينتظر فجاز أن يحكم باليد بالضرورة عند فوات البيان ، وليس كذلك حال النسب : لأن انتساب الولد عند بلوغه حال منتظرة يقع البيان بها فلم يحكم بما تقدم من الدعوى لعدم الضرورة ، وهذا فرق أبي الحسين بن القطان ، ويدخل عليه فوت البيان بموت الولد .
[ ص: 54 ]