فصل : فإذا ثبت بما ذكرنا فقد يصير بما ذكرناه مدركا للظهر بإدراك شيء من وقت العصر
وقال أبو حنيفة : استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم : لا يصير مدركا للظهر إلا بإدراك شيء من وقتها فجعل ما تعلق بالركعة من الحكم إدراك العصر دون الظهر ، ولأنها صلاة لم يدرك شيئا من وقتها فوجب أن لا يلزم فرضها ، كما لو أدرك الصبح لم يدرك التي قبلها ، ولأنه لما لم يلزمه العصر بإدراك الظهر وإن كان وقتاهما في الجمع واحدا ، لم يلزمه الظهر بإدراك العصر ، وإن كان وقتاهما في الجمع واحدا من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر
ودليلنا قوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار [ الإسراء : 78 ] . والمراد بالطرف الثاني على ما حكينا عن مجاهد صلاة الظهر والعصر ، وعلقهما بطرف النهار ، وطرفه آخره يدل على وجوب الظهر والعصر بإدراك شيء من طرف النهار ، ولأن وقت العصر في أداء ، المعذورين من المسافرين والممطورين وقت الظهر والعصر أداء لا قضاء فكان إدراك العصر إدراكا لهما لاشتراك وقتهما ، ولا يدخل على هذا الاستدلال وقت الظهر أنه لا يدرك به صلاة العصر ، لأنها وإن كان وقتا للمسافرين من المعذورين فليس بوقت للممطورين ، وفيه انفصال ويتحرر من اعتلاله قياسان :
أحدهما : أنه وقت لو أخرت صلاة الظهر إليه كانت أداء فيه ، فوجب أن تصير لازمة به قياسا على وقت الظهر
والثاني : أنها صلاة يجوز تأخير أدائها إلى وقت فوجب أن يلزم بإدراك ذلك الوقت كالعصر
وأما الجواب عن استدلاله بالخبر فهو أن إثبات العصر به لا يوجب نفي الظهر عنه ، لأن إثبات الشيء يوجب نفي ضده ، ولا يوجب نفي غيره
وأما قياسه على الصبح فالمعنى فيه ينافي وقتها في العذر والضرورات