مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " أجزأه نية واحدة ما لم يحدث نية أن يتبرد أو يتنظف ، فيعيد ما كان غسله لتبرد أو لتنظف " . ولو نوى فتوضأ ثم عزبت نيته
قال الماوردي : أما فقد اختلف أصحابنا فيه ، وصورته أن ينوي عند غسل وجهه رفع الحدث عن وجهه وحده وينوي عند غسل ذراعيه رفع الحدث عنهما لا غير وكذلك عند كل عضو ، ففيه وجهان : تقطيع النية على أعضاء الطهارة
[ ص: 99 ] أحدهما : لا يجزيه كما لا يجوز تقطيع النية على ركعات الصلاة .
والوجه الثاني : وهو أظهر أن ذلك جائز ؛ لأن الصلاة لا يجوز أن يتخللها ما ليس منها فلم يجز تقطيع النية عليها ، فإذا تقرر هذا فصورة مسألة الكتاب في متوضئ غسل وجهه ناويا به رفع الحدث جملة ثم استصحب حكم نيته حتى غسل ذراعيه ومسح رأسه ثم غير النية عند غسل رجليه فغسلهما بنية التبرد والتنظف فيجزيه غسل وجهه وذراعيه ومسح رأسه دون غسل رجليه وجها واحدا سواء قلنا بجواز تقطيع النية على أعضاء الطهارة أو لا ؛ لأن نيته الأولى كانت عامة لجميع أعضائه فارتفع حدث ما غسله بتلك النية ولم يرتفع حدث ما غير فيه النية من غسل رجليه ، ولا يجزيه أن يصلي بهذا الوضوء شيئا حتى يعيد غسل رجليه ناويا بغسلهما رفع الحدث ، فإن فعل هذا والزمان قريب لم يطل صح وضوؤه وارتفع حدثه ، وإن فعل ذلك وغسل رجليه بعد تطاول الزمان وبعده كان على قولين من تفريق الوضوء والله أعلم .