فصل : القول في حصة أحدهما من الربح
إذا بين رب المال للعامل حصة أحدهما من الربح دون الآخر فذلك ضربان :
أحدهما : أن يصرح بذكر القراض عند الدفع ، والثاني : ألا يصرح بذكره .
فإن لم يصرح بذكر القراض فلا يخلو من أن يبين نصيب نفسه ، أو نصيب العامل فإن بين نصيب نفسه فقال : خذ هذا المال فاشتر به وبع على أن لي نصف الربح كان حراما فاسدا ؛ لأن له جميع الربح فلم يكن في ذكر بعضه بيان .
فإن بين نصيب العامل فقال على أن لك نصف الربح ففيه وجهان :
أحدهما : لا يصح ويكون قراضا فاسدا كما لو بين نصيب نفسه للجهل بحكم الباقي .
والوجه الثاني : أنه يكون قراضا صحيحا ، ويكون كما لو بين باقي الربح لنفسه ؛ لأنه [ ص: 347 ] يستحق كل الربح بالملك ، فإذا استثنى منه النصف للعامل ثبت أن الباقي له النصف .
وأما الضرب الثاني : وهو أن يصرح بذكر القراض في عقده : فلا يخلو من أن يبين نصيب العامل ، أو نصيب نفسه .
فإن بين نصيب العامل فقال خذ هذا المال قراضا على أن لك نصف الربح صح القراض وجها واحدا ؛ لأن باقي الربح بعد استثناء النصف منه إن حمل على حكم المال كان لربه ، وإن حمل على حكم القراض فهو بمثابته .
وإن بين نصيب نفسه فقال خذه قراضا على أن لي نصف الربح ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج أنه يجوز حملا على موجب القراض في اشتراكهما في الربح ، فصار البيان لنصيب أحدهما دالا على أن الباقي للآخر .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة أن القراض باطل ؛ لأنه ذكر لنفسه بعض الربح الذي هو مالك لجميعه ، فلم يكن فيه بيان لما بقي .
فعلى هذين الوجهين : لو قال خذه قراضا على أن لي نصف الربح ولك ثلث بطل على قول أبي إسحاق وأبي علي للجهل بحكم السدس الباقي ، وصح فيه قول أبي العباس ، وكان السدس المغفل ذكره لرب المال مضموما إلى النصف .