مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو فجائز . اشترط أن يشتري صنفا موجودا في الشتاء ، والصيف
قال الماوردي : قد ذكرنا أن عقد القراض ضربان : خاص وعام .
فأما العام فهو أن يطلق تصرف العامل في كل ما يرجو فيه ربحا فهذا جائز على عموم التصرف ، وأما الخاص فهو أن يختص العامل على نوع واحد وهو على ثلاثة أضرب : أحدها : ما يوجد في عموم الأحوال كالحنطة ، والبر فيجوز ، ويكون مقصور التصرف [ ص: 316 ] على النوع الذي أذن فيه ، فلو أذن له أن يتجر في البر جاز أن يتجر في صنوف البر كلها من القطن ، والكتان ، والإبريسم ، والخز ، والصوف الملبوس ثيابا ، أو جبابا ، ولا يجوز أن يتجر في البسط ، والفرش . وهل يجوز أن يتجر في الأكسية البركانية أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يجوز ؛ لأنها ملبوسة .
والثاني : لا يجوز لخروجها عن اسم البر .
فلو أذن له أن يتجر في الطعام اقتصر على الحنطة وحدها دون الدقيق . وقال محمد بن الحسن : يجوز أن يتجر في الحنطة ، والدقيق ، وهذا خطأ لخروج الدقيق عرفا عن اسم الطعام ، ولو جاز ذلك ؛ لأنه من الحنطة لجاز بالخبز ، ولا فرق بين أن يقول له خذ هذا المال على أن تتجر به في الحنطة ، وبين أن يقول له خذه واتجر به في الحنطة في أنه لا يجوز له أن يعدل عن التجارة في الحنطة .
وقال أبو حنيفة : إن قال له خذه على أن تتجر به في الحنطة لم يجز أن يتجر به في غيرها ؛ لأنه شرط ، وإن قال له خذه واتجر به في الحنطة فأراد أن يتجر في غيرها جاز ؛ لأنه مشورة منه وهذا خطأ ؛ لأنه في الحالين غير آذن فيما سوى الحنطة .
والضرب الثاني : فالقراض باطل سواء وجده ، أو لم يجده ؛ لأنه على غير ثقة من وجوده إلا أن يكون ذلك بمكان قد يوجد ذلك فيه غالبا فيجوز . ما يوجد ، وقد لا يوجد ، كإذنه في أن يتجر في العود الرطب ، أو في الياقوت الأحمر ، أو في الخيل البلق ، أو في العبيد العصيان
والضرب الثالث : فينظر في عقد القراض ، فإن كان في غير أوان تلك الثمار فالقراض باطل ، فإن جاءت تلك الثمار من بعد لم يصح القراض بعد فساده ، وإن كان ذلك في أوان الثمار وإبانتها فالقراض جائز ما كانت تلك الثمرة باقية ، فإن انقطعت ففي القراض وجهان : ما يوجد في زمان ، ولا يوجد في غيره كالثمار ، والفواكه الرطبة
أحدهما : قد بطل القراض بانقطاعها وليس له في العام المقبل أن يتجر بها إلا بإذن وعقد مستجد .
والوجه الثاني : أن القراض على حاله ما لم يصرح بفسخه في كل عام أتت فيه تلك الثمرة فيتجر بها بالعقد الأول .
فأما إذا كان القراض في نوع موجود في كل الزمان فانقطع في بعضه لقلة ، أو غيرها فالقراض على وجهه وحاله ، وهكذا إذا انقطع لجائحة أتت على جميعه ؛ لأن العقد قد كان ممكنا للاستدامة فخالف الثمار الرطبة في أحد الوجهين .