فصل : فإذا ثبت وجوب النية في طهارة الحدث فقد ينقسم ثلاثة أقسام : وضوء ، وغسل ، وتيمم ، وقد مضى الكلام في وجوب النية في الوضوء والتيمم . [ ص: 91 ] فأما الغسل فقد ينقسم ثلاثة أقسام : فرض على الأعيان ، وفرض على الكفاية ، ومسنون . فأما فرض الأعيان فثلاثة :
الأول : ، والثاني : غسل الجنابة ، والثالث : غسل الحيض ، والنية فيها مستحقة لأنه لما وجبت النية في الطهارة الصغرى كان وجوبها في الطهارة الكبرى أولى . غسل النفاس
فأما المسنون ، وما يستوفي عدده في موضعه ؛ فالنية مستحقة ليمتاز بها عما ليس بعبادة من الغسل ، ولأن كل عبادة كانت النية مستحقة في فرضها كانت النية مستحقة في نفلها كالصلاة ، والصيام . فغسل الجمعة ، والعيدين
وأما فرض الكفاية : فغسل الموتى ، فالظاهر من مذهب الشافعي - رضي الله عنه - أنه يجزئ بغير نية لأن المزني نقل عنه في " جامعه الكبير " : فلو غسلته أجزأ " . أن المسلم إذا مات وله زوجة ذمية كرهت أن تغسله
فلو كانت النية عنده شرطا في جواز غسله لما جاز أن تغسله الذمية ، لأن ، فدل ذلك من مذهبه على أن النية من الذمية لا تصح غير مستحقة ، ودليل ذلك أن فعل الطهارة إذا كان مستحقا في بدن الغير سقطت النية عن فاعل التطهير كالزوج إذا استحق غسل زوجته المجنونة من حيضها ليستبيح وطأها سقطت عنه النية في غسلها . النية في غسل الميت
وذهب بعض أصحابنا إلى وجوب النية في غسل الميت كوجوبها في غسل الحي ، وهو الصحيح عندي ، لأن غسل الأبدان إذا استحق تعبد الله تعالى استحقت النية فيه ، كالجنابة والحيض ، ولو كان غسل الميت لا يستحق النية فيه لما وجب غسل الغريق لوصول الماء إلى جسده .
وفي استحقاق غسله بعد وصول الماء إلى جسده ، دليل على استحقاق النية المفقودة في الغسل الأول ، فأما غسل الزوج امرأته المجنونة فإنما سقطت النية عنه ، لأن غسلها في حق نفسه ألا ترى أنه لو لم يرد إصابتها لما وجب غسلها ، وليس كذلك غسل الميت لأنه قد استحق تعبد الله جل جلاله . والله أعلم .