فصل : فإذا ثبت أن الضمان لا ينقل الحق ، فالمضمون له بالخيار في مطالبة أيهما شاء ، وقال أبو ثور لا يجوز إلا بعد عجز المضمون عنه ، وقد جعله مطالبة الضامن بالحق ابن أبي هريرة قولا محتملا وخرجه لنفسه وجها ، وقال محمد بن جرير الطبري له الخيار في أن يبتدئ بمطالبة أيهما شاء .
فإذا طالب أحدهما لم تكن له مطالبة الآخر بشيء وهذا خطأ ؛ لأن ثبوت الحق في ذمة كل واحد منهما على ما وصفنا يوجب مطالبة كل واحد منهما ، وتمنع من إيقاع الحجر عليه مطالبته ، فإذا ثبت أنه بالخيار في مطالبة أيهما شاء فحجر عليهما بالفلس أعني الضامن والمضمون عنه ، وأراد الحاكم بيع أموالهما في دينهما ، فقال الضامن : أبرأ ببيع مال المضمون عنه ، فإن وفى بدينه برئت من ضمانه ، وإن عجز بيع من مالي بقدره ، وقال المضمون له : أريد أن أبيع مال أيكما شئت بديني ، قال الشافعي رضي الله عنه في رواية حرملة : إن كان الضامن ضمن بأمر المضمون عنه فالقول قوله ، وإن ضمن بغير أمره فالخيار إلى المضمون له في بيع مال أيهما شاء . والله أعلم .