فصل : فأما فينقسم ثلاثة أقسام : قسم يلزم ، وقسم لا يلزم ، وقسم مختلف في لزومه . إقراره
فأما ما يلزم إقراره فيه فهو ما تعلق ببدنه كإقراره بما يوجب حدا أو قودا فيستوفى ذلك منه لانتفاء التهمة عنه ولتعلقه بما لم يقع الحجر عليه .
فلو عفا من أقر له بالقود إلى المال ثبت له المال لأنه فرع لقود ثبت بالإقرار .
وهكذا لو أقر بابن ثبت نسبه بإقراره ، فلو أقر بابن أمة ثبت النسب بإقراره وصار حرا .
وقال أبو ثور : إقراره به باطل لا يثبت نسبا ولا يوجب عتقا .
وقال محمد بن الحسن : يثبت نسبه ويصير حرا يسعى في قيمته .
وما قلناه أولى لأنه لو أولد أمته ثبت نسبه وصار حرا ، فكذلك إذا كان به مقرا .
وأما ما لا يلزم بإقراره فهو ما تعلق بالمال لحصول التهمة فيه ، سواء كان المال عن معاملة أو إتلاف ، لكن إن كان عن إتلاف لزم بقيام البينة ، وإن كان عن معاملة لم يلزم وإن قامت به البينة ، فلو فك حجره لم يلزمه في الحكم ما كان أقر به .
وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان ما أقر به قد لزمه قبل حجره بقرض كان اقترضه أو بيع كان ابتاعه لزمه فيما بينه وبين الله تعالى أداء ذلك بعد فك حجره .
وإن كان لزوم ذلك في حال الحجر ففي لزوم ذلك فيما بينه وبين الله تعالى وجهان على ما مضى ، وأما ما اختلف قوله في لزوم إقراره به فشيئان :
أحدهما : جنايات الخطأ على النفوس ففي لزومها بإقراره قولان :
أحدهما : لا يلزم لتعلقها بالمال كإقراره باستهلاك الأموال .
والقول الثاني : أنها تلزم بإقراره لتغليظ النفوس ، وإنه لما ثبت عمدها بإقراره ثبت خطؤها بإقراره .
وأما الثاني : فهو السرقة يقر بها ، ففي لزومها ووجوب غرمها بإقراره قولان :
أحدهما : تلزم ويجب غرمها لأنها توجب القطع الذي ينفي التهمة عنه في إقراره به .
والقول الثاني : لا تلزمه لأن أصل إقراره إنما هو بمال لا يثبت بإقراره ، فعلى هذا في وجوب قطعه وجهان :
فأما إقرار وليه عنه فلا يصح فيما يتعلق بالأبدان ، ولا فيما وجب في المال عن جناية وإتلاف ، ولا فيما تولاه السفيه من عقوده .
ويصح فيما تولاه الولي من البيع والشراء في ماله ، فيقر بالبيع وقبض الثمن وبالابتياع وقبض المبيع وبصفات العقد من حلول أو تأجيل وثبوت خيار وانبرام عقد عن تراض ، وعلى هذا يحمل تأويل قوله تعالى : فليملل وليه بالعدل [ البقرة : 282 ] .
[ ص: 362 ]