مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وينبغي إذا رفع إليه أن يشهد أنه وقف ماله عنه ، فإذا فعل ذلك لم يجز له أن يبيع ولا يهب ، وما فعل من هذا ففيه قولان : أحدهما أنه موقوف ، فإن فضل جاز فيه ما فعل ، والآخر أن ذلك باطل ( قالالمزني ) قلت أنا : قد قطع في المكاتب إن كاتبه بعد الوقف فأدى لم يعتق بحال " .
قال الماوردي : قد ذكرنا في أول الكتاب ما يستحق به حجر الفلس ، فلا بد من أن يقول الحاكم قولا يقع به الحكم ، واختلف الأصحاب في فإذا أراد الحاكم أن يحجر على رجل بالفلس ، فقال اللفظ الذي يقع به الحجر البغداديون : هو أن يقول الحاكم : قد وقفت [ ص: 319 ] مالك ومنعتك من التصرف فيه ، لأن هذا هو المقصود بالحجر ، فوجب أن يكون ثبوته به ، وقال البصريون : هو أن يقول له الحاكم : قد حجرت عليك بالفلس ، وقالوا لأن الحجر قد يتنوع ، ولكل واحد منه حكم فلم يكن بد من التصريح به ليمتاز عن غيره ، لأن ، فلم يقع به الحجر ، فإذا تلفظ الحاكم بما يقع به الحجر على حسب ما ذكرنا من اختلاف المذهبين أشهر الحاكم على نفسه بالحجر عليه . وقف المال والمنع من التصرف إنما هو من أحكام الحجر
واختلف أصحابنا فقال هل الإشهاد شرط في تمام الحجر ؟ البغداديون : الإشهاد ليس بشرط في ثبوت الحجر ، لأن نفوذ الحكم لا يقف على الإشهاد فيه ، فإن حجر عليه قولا ولم يشهد صح ، وقال البصريون : شرط ثبوت الحجر الإشهاد عليه ، لأن المقصود بهذا الحجر الشهرة وإظهار الأمر فيه ، ولا يكون مشتهرا إلا بالشهادة ، وجرى مجرى اللعان الذي يقصد به الشهرة .