مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فلكل واحد منهما إجازة البيع ورده دون الغرماء لأنه ليس ببيع مستحدث " . ولو تبايعا بالخيار ثلاثا ففلسا أو أحدهما
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا باع سلعة بخيار ثلاثة أيام ثم حجر عليه بالفلس في مدة الخيار كان على خياره في الرد والإجازة من غير اعتراض للغرماء عليه ، وإن فسخ جاز وإن كان الحظ في الإجازة ، وإن أجاز صح وإن كان الحظ في الفسخ سواء قلنا إن البيع قد تم بنفس العقد أو لا يتم إلا بالعقد ويقضي الخيار ، هذا منصوص الشافعي رحمه الله ، وما عليه جمهور أصحابه ، لأن تأثير الحجر إنما يكون في المنع من العقود المستحدثة بعده ، فأما العقود المتقدمة فلا تأثير للحجر فيها والفسخ في هذا العقد والإمضاء فيه إنما هو بعقد متقدم ، وقال أبو علي بن أبي هريرة رضي الله عنه : إن اختار الأحظ من الإجازة أو الفسخ صح ، وإن اختار ما لا حظ فيه بأن أجاز البيع وكان مغبونا لم يجز ، وإن للغرماء فسخه عليه لما فيه من إدخال الضرر عليهم بنقص الغبينة التي يمكن استدراكها إلا على القول الذي يزعم فيه أن الملك قد انتقل بنفس العقد ، وهكذا لو فسخ المفلس وكان غائبا لم يجز وكان للغرماء إجازة البيع عليه لما فيه من استيفاء ملكه على الزيادة التي قد ملكها بعقده ، إلا على القول الذي يزعم فيه أن الملك لا يتم إلا بالعقد وتقضي الخيار ، وهذا القول لا وجه له لما ذكرنا من أنه يفعل ذلك بحق عقد تقدم على الحجر ، وليس للحجر تأثير فيه ولا للغرماء اعتراض عليه ، ولأن في ذلك إجبارا على تمليك مال لم يستقر ملكه عليه فلم يصح إجباره عليه كما لا يصح إجباره على قبض هبة قد قبلها - وهكذا كان على خياره في الفسخ والإجازة ، ولا يجبر على أحظ الأمرين له ، وعلى قول لو وقع الحجر على المشتري في زمان الخيار أبي علي بن أبي هريرة يجبر على أحظ الأمرين وإن كان أحظهما الفسخ - لأنه كان مغبونا - أجبر على الفسخ إلا أن يقال إن [ ص: 308 ] الملك قد انتقل بنفس العقد ، وإن كان أحظهما الإجازة - لأنه كان غائبا - أجبر على الإجازة إلا أن يقال : إن الملك لا يتم إلا بالعقد وتقضي الخيار ، وهو كما ذكرنا غير صحيح والله أعلم .