فصل : وإن كان النقص المتصل مما يمكن إفراده بالعقد كدار انهدمت أو بعضها أو كأرض غرق شيء منها فروى المزني وحرملة : أن البائع يأخذ المبيع ناقصا بكل الثمن ، وروى الربيع ، والبويطي ، والزعفراني في القديم في الشفعة : أن الشفيع يأخذ ذلك ناقصا بحسابه من الثمن ، فاختلف أصحابنا في الشفعة والفلس على أربعة طرق :
فمنهم من خرج مسألة المفلس والشفعة على قولين لاختلاف الروايتين ، وهذه طريقة أبي الطيب بن سلمة وأبي حفص بن الوكيل .
أحد القولين : أن للبائع والشفيع أن يأخذاه ناقصا بكل الثمن لأن النقص تابع فأشبه العور وذهاب اليد .
والقول الثاني : أن للبائع والشفيع أن يأخذاه ناقصا بحسابه من الثمن ، لأن النقص لما صح إفراده بالعقد جرى مجرى العبدين والثوبين إذا تلف أحدهما .
والطريقة الثانية وهي طريقة طائفة من البصريين : أن في الفلس يرجع البائع به ناقصا بجميع الثمن إن شاء على ظاهر نصه في رواية المزني وحرملة ، وفي الشفعة إذا أخذها الشفيع ناقصا على قولين على حسب اختلاف الروايتين .
والطريقة الثالثة وهي طريقة أبي العباس بن سريج : أن في الفلس يأخذه البائع ناقصا بجميع الثمن كما نقله المزني وحرملة ، وفي الشفعة يأخذه الشفيع ناقصا بحسابه من الثمن وقسطه كما نقله الربيع والبويطي ونسب المزني إلى الخطأ حين نقل في الفلس ، وكذلك [ ص: 279 ] الشفعة ، وكان من فرقه بين الفلس والشفعة أن الشفيع في الشفعة يحل محل المشتري ؛ فلما كان المشتري قد لزمه الثمن في مقابلة جميع المبيع لم يجز أن يلتزم الشفيع الثمن كله في مقابلة بعض المبيع ، والبائع في الفلس لا يحل محل المشتري وإنما يقطع العقد المتقدم لما لحقه من الضرر المستحدث ، فلذلك زال بقطع العقد جميع الثمن .
والطريقة الرابعة وهي طريقة أبي إسحاق المروزي : أن اختلاف الروايتين محمول على اختلاف حالين ، فرواية المزني وحرملة أنه مأخوذ بكل الثمن في الشفعة والفلس إذا كانت الآلة بعد الهدم باقية ؛ لأن للنقص آثارا غير متميزة كالعور والهزال ، ورواية الربيع والبويطي أنه مأخوذ بحسابه وقسطه من الثمن في الشفعة والفلس إذا كانت الآلة بعد الهدم تالفة لأنه نقص مميز وقد تلف بعض التميز أتلف بعض المبيع كموت أحد العبدين وتلف أحد الثوبين .