مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو فالقول قوله مع يمينه " . قال : رهنته هذه الدار التي في يديه بألف ولم أدفعها إليه فغصبنيها ، أو تكاراها مني رجل وأنزله فيها ، أو تكاراها هو مني فنزلها ولم أسلمها رهنا
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا ادعى رجل دارا في يده أنها مرهونة عنده على ألف له على مالكها ، وقال المالك : له علي ألف رهنته الدار بها ، غير أنني لم أقبضه إياها ، وإنما غصبنيها أو تكاراها أو استعارها أو تكاراها رجل فأنزله بها ، فالقول قول مالكها مع يمينه ، لأن عقد الرهن لا يتم إلا بالقبض ، فكان الخلف في القبض خلفا في أصل العقد ، ولو كان القول قول الراهن ، وكذلك إذا اختلفا في عقد الرهن يجب أن يكون القول فيه قول الراهن ، فإن قيل : أليس لو اختلفا في القبض بعد العقد ، كان القول قول المشتري لحصول يده ، وكذلك المستأجر إذا كانت الدار في يده ، وقال أقبضنيها المؤجر ، وقال المؤجر : بل غصبنيها المستأجر ، لحصول يده ، فهلا كان القول فيه قول المرتهن في قبض المرهون لحصول يده ؟ قيل : الفرق بينهما أن اشترى رجل دارا ثم وجدت الدار في يد المشتري ، فقال المشتري : أقبضنيها ، وقال البائع : بعته ولم أقبض ، لكن غصبنيها لا يصح أن يجبر على الراهن ، وليست يد المرتهن دليلا على اختياره ، القبض في الرهن شرط في تمامه واجب يجبر عليه البائع والمؤجر ، فكانت يد المشتري والمستأجر دليلا على حصوله ، ويتفرع على تعليل هذا والقبض في البيع والإجارة أن الفرق بين الإجارة والرهن من مرتهنه جائزة ، ولا تحتاج إلى قبض لكونها في [ ص: 202 ] قبضه ، إجارة الرهن جائز ويحتاج إلى قبض وإن كان في قبضه ، لما ذكرنا من أن قبض الإجارة يصح بغير إذن ، وقبض الرهن لا يصح إلا بإذن ، والله أعلم بالصواب . ورهن ما في الإجارة من مستأجره