مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن أدى عنها الخراج فهو متطوع لا يرجع به إلا أن يكون دفعه بأمره فيرجع به كرجل اكترى أرضا من رجل اكتراها فدفع المكتري الثاني كراءها عن الأول فهو متطوع " .
قال الماوردي : وصورتها : في عنها فهذا على ضربين : رجل ارتهن غراسا وبناء في أرض خراجية ثم أدى الخراج
أحدهما : أن يؤديه بأمر المالك .
والثاني : أن يؤديه بغير أمره فإن أداه بغير أمره لم يرجع عليه سواء أداه مكرها أو مختارا صديقا كان أو عدوا .
[ ص: 79 ] وقال مالك : إن أداه مكرها رجع به على الراهن وإن أداه مختارا فإن كان صديقا للراهن رجع به عليه وإن كان عدوا له لم يرجع به عليه ، وهذا خطأ ، لأن الدين الثابت في ذمة الرجل إذا تطوع به الغير فقضاه عنه لم يستحق أن يرجع به عليه لما روي علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هما علي يا رسول الله وأنا لهما ضامن ، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على جنازة رجل عليه درهمان ، وقال : صلوا على صاحبكم فقال
فلو كان يثبت لعلي الرجوع على الميت بالدرهمين لكان لا يصلي لبقاء الدرهمين عليه وإن انتقلت من مالك إلى مالك ، فلما صلى عليه السلام علم سقوط ذلك عنه وإن أبقى لعلي الرجوع عليه : ولأن كل حق لو أداه العدو لم يرجع به ، فإذا أداه الصديق لم يرجع به .
أصله : إذا نهى عن أدائه ولأن كل حق لو أداه بعد النهي عن أدائه لم يرجع ، فإذا أداه قبل النهي عن أدائه لم يرجع به كالعدو .
فصل : وأما الضرب الثاني وهو أن يؤديه بإذنه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يؤديه بإذنه ويشترط له الرجوع به ، فيقول : أد عني وارجع به علي فهذا يرجع به لا يختلف لأنه باشتراط الرجوع غير متطوع .
والثاني : أن يؤديه بإذنه من غير أن يشترط له الرجوع به ، فيقول : أد عني ، فهل يرجع به عليه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يرجع به ، لأن إذنه قد يحتمل أن يكون طلبا ، لأن يتطوع بأدائه عنه ويحتمل أن يكون أمرا ليرجع به ومع احتمال الأمرين لا يثبت الرجوع إلا بيقين .
والوجه الثاني وهو قول أبي إسحاق يرجع به ، لأن إذنه في أدائه عنه كإذنه في إتلاف ماله عليه ، ثم لو أذن له في إتلاف ماله فقال : أتلف علي مالي سقط عنه الضمان بإذنه كما لو صرح بسقوطه ، كذلك إذا أذن له في أدائه فقال : أد عني وجب له الرجوع به كما لو صرح به .