فصل : إذا كما ادعى الراهن من قبل لم يقبل رجوع المرتهن ، فإن سأل إحلاف الراهن كان على ما مضى من رجوع الراهن وسؤاله يمين المرتهن ، لاستوائهما في تمام القبض بإقرارهما . أقر الراهن والمرتهن بقبض الرهن ثم عاد المرتهن ينكر القبض ويدعي أن إقراره المتقدم كان على جهالة
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " والقبض في العبد والثوب وما يحول أن يأخذه مرتهنه من يدي راهنه وقبض ما لا يحول من أرض ودار أن يسلم لا حائل دونه وكذلك الشقص ، وشقص السيف أن يحول حتى يضعه الراهن والمرتهن على يدي عدل أو يدي الشريك " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، وجملة الكلام في القبض أنه يشتمل على فصلين : أحدهما : في حكم القابض والمقبض وقد مضى .
والثاني : وهو أن كل شيء صار به المبيع مقبوضا للمشتري صار به الرهن مقبوضا للمرتهن ، وقد مضى ذلك في كتاب البيوع ، وجملته : أن الرهن ضربان : محوز ومشاع . فيما يصير به الرهن مقبوضا
فأما المحوز فضربان : منقول وغير منقول ، فغير المنقول : الدور والعقار والأرضون ، وقبض ذلك يكون برفع يد الراهن عنها ، والتخلية بين المرتهن وبينها ، والمنقول ضربان : ضرب يحتاج إلى كيل أو وزن فقبضه بشيئين :
الكيل والتحويل إن كان مكيلا .
والوزن والتحويل إن كان موزونا .
[ ص: 39 ] وضرب لا يحتاج إلى كيل ولا وزن ، فقبضه بنقله عن موضعه إلى غيره ، سواء أخرجه بالنقل عن ملك بائعه أم لا ؟ نص عليه الشافعي ، وقال أبو القاسم الداركي لا يكون قبضا حتى يخرجه عن ملك بائعه لقوله صلى الله عليه وسلم : . حتى يحوزه التجار إلى رحالهم
فصل : فأما فضربان : منقول وغير منقول . المشاع
فغير المنقول كأرض أو دار منه سهاما منها مشاعا ، فصحة القبض في هذا مفتقر إلى حضور الشريك ، لأن من صحته ألا يكون هناك منازع وللشريك يد فكان حضوره في القبض شرطا في صحته ، فإذا حضر الشريك والراهن والمرتهن ، ورفع الراهن يده عن حصته للمرتهن ، وصارت في قبض المرتهن فإن تراضيا الشريك والمرتهن أن تكون الدار في يد المرتهن جاز ، وإن تراضيا أن تكون في يد الشريك جاز ، وإن تراضيا أن تكون على يدي عدل جاز .
وأما المنقول كسهم من ثوب أو سيف أو جوهرة أو عبد ، فقبض ذلك غير مفتقر إلى حضور الشريك ، لأن قبضه بالنقل والتحويل ، فإن أذن الشريك للمرتهن في نقل جميعه صح ، وإن أذن المرتهن للشريك في قبض جميعه له بالتحويل جاز ، وإن أذنا لعدل في قبضه لهما جاز .