مسألة : قال المزني : قلت أنا قوله ، كما يكون العتق جائزا تجويز منه للعتق ، وقد سوى في الرهن بين إبطال البيع والعتق ، فإذا جاز العتق في الجناية فالبيع جائز مثله ؟ " .
قال الماوردي : وأما فمعتبر بحال جنايته ، فإن كانت موجبة للقود فعتقه نافذ سواء كان موسرا أو معسرا ، وللمجني عليه أن يقتص منه بعد العتق كما كان له الاقتصاص قبل العتق ، وإن كانت الجناية موجبة للمال ، نظر حال السيد ، فإن كان موسرا بالجناية كان عتقه نافذا ويلزمه ضمان أرش الجناية لا يختلف : لاستهلاكه العبد بالعتق كما لو استهلكه بالقتل ، ويكون ضامنا لأقل الأمرين : من قيمته أو أرش جنايته ، لا تختلف : لأن العبد بالعتق مستهلك بخلاف البيع . وإن عتق السيد لعبده الجاني : كان السيد معسرا ففي نفوذ عتقه قولان
أحدهما : لا ينفذ عتقه كما لا يصح بيعه .
والثاني : عتقه نافذ بخلاف البيع : لأن في العتق حقا لله تعالى ، لا يمكن إسقاطه بعد ثبوته ، وخالف البيع الذي يفسخ بعد عقده ، فعلى هذا يكون ضامنا لأرش جنايته بأقل الأمرين في ذمته .
وأما قول المزني : إن الشافعي قد سوى بين بيع المرهون وعتقه ، وكذا يجب أن يسوي بين بيع الجاني وعتقه ، فهذا سهو منه : لأن الشافعي خالف بين بيع المرهون وعتقه : لأنه أبطل بيعه قولا واحدا ، وله في عتقه ثلاثة أقاويل ، فكذا يجب أن يختلف الحكم في بيع الجاني وعتقه : لأن حكم العتق أقوى وأنفذ من البيع .