فصل : فأما إذا ، فهذا على ضربين : وجد طريقا يسلكها إلى الحرم غير الطريق التي أحصر فيها
أحدهما : ، وذلك قد يكون من أحد وجوه : أن يكون له في هذا الطريق عذر مانع
إما أن يخاف على نفسه من قلة ماء أو مرعى ، أو يخاف على ماله من لص غالب ، أو يخاف على نفسه من عدو قاهر ، أو يضطر فيه إلى ركوب بحر ، أو يحتاج فيه إلى زيادة نفقة وهو لها عادم ، فهذه كلها أعذار لا يلزمه معها سلوك الطريق الآخر ، ويكون حكمه حكم من ليس له طريق إلا الطريق التي أحصر فيها ، فيجوز له التحلل على ما مضى .
والضرب الثاني : ، ولا يجوز له التحلل سواء كان إدراك الحج بسلوكه ممكنا أم لا ، فإن سلكه ووصل إلى أن لا يكون له عذر مانع من سلوك هذا الطريق ، فعليه أن يسلكه مكة ، فإن أدرك الحج أجزأه عن حجة الإسلام ، وإن لم يدرك الحج ، فهذا على ضربين :
أحدهما : : لأنه مسافة عشرة أيام ، وبينه وبين يوم أن يكون إدراك الحج ممكنا حين سلكه عرفة عشرة أيام ، فهذا يلزمه قضاء الحج بالفوات : لأن فوات الحج مع إمكان الإدراك لم يكن بالإحصار ، ولا للإحصار فيه تأثير : فلذلك لزم فيه القضاء ، وعليه مع القضاء دم الفوات .
[ ص: 348 ] والضرب الثاني : : لأن الباقي إلى يوم أن يكون إدراك الحج حين سلكه غير ممكن عرفة خمسة أيام ، والمسافة عشرة أيام ، ففي قولان منصوصان : وجوب القضاء
أحدهما : عليه القضاء بالفوات كما لو فاته الوقوف بأن ضل عن الطريق ، أو أخطأ في العدد ، فعلى هذا عليه دم الفوات ، ولا يكون للإحصار تأثير .
والقول الثاني : وهو أصح : لا قضاء عليه : لأن الفوات لم يكن بتفريط منه ، وإنما كان بسبب الإحصار ، فكان حكم الإحصار باقيا عليه ، فعلى هذا ؛ الدم عليه واجب للإحصار دون الفوات ، فهذا حكم المحصر إذا وجد طريقا يسلكها غير الطريق الذي أحصر فيها ، وقد مضى الكلام في الإحصار إذا كان عاما .