مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن نتف طيرا فعليه بقدر ما نقص النتف فإن تلف بعد فالاحتياط أن يفديه والقياس أن لا شيء عليه إذا كان ممتنعا حتى يعلم أنه مات من نتفه فإن كان غير ممتنع حبسه وأسقطه وسقاه ممتنعا وفدى ما نقص النتف منه ، وكذلك لو كسره فجبره فصار أعرج لا يمتنع فداه كاملا " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا ، لم يخل حاله من أحد أمرين : نتف ريش طائر من الصيد المضمون في الحرم أو في الإحرام
إما أن يكون على امتناعه بعد النتف ، أو يصير غير ممتنع بعد النتف ، فإن كان ممتنعا بعد النتف فالكلام فيه يتعلق بفصلين :
أحدهما : ضمان نقصه بالنتف .
والثاني : ضمان نقصه بالتلف .
فأما ضمان نقصه بالنتف ، فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : ، فعليه ضمان ما نقص منه ، وهو : أن يقومه قبل نتف ريشه ، فإذا قيل : عشر دراهم ، قومه بعد نتف ريشه ، فإذا قيل : تسعة ، علم أن ما بين القيمتين عشر القيمة ، وينظر في الطائر المنتوف ، فإن كان مما تجب فيه شاة ، فعليه عشر ثمن شاة على مذهب أن لا يستخلف ما نتف من ريشه الشافعي ، وعشر شاة على مذهب المزني ، وإن كان ما يجب قيمته ، فعليه ضمان ما نقص من قيمته ، وهو : درهم واحد .
[ ص: 338 ] والقسم الثاني : ، ويعود كما كان قبل نتف ريشه ففيه وجهان : أن يستخلف ما نتف من ريشه
أحدهما : لا شيء عليه ؟ لعوده إلى ما كان عليه .
والثاني : عليه ضمان ما نقص بالنتف قبل حدوث ما استخلف : لأن الريش المضمون بالنتف غير الريش الذي استخلف ، وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قولي الشافعي فيمن ؟ حنى على سنه فانقلعت ، فأخذ ديتها ، ثم نبتت سنه وعادت هل يسترجع منه ما أخذ من الدية أم لا
والقسم الثالث : ، فعليه ضمان نقصه وجها واحدا : لأن الأصل أنه بالتي على حاله ، وأما أن يمتنع الطائر فلا يعلم هل استخلف ريشه أم لم يستخلف : ضمان نفسه إن تلف فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام
أحدها : أن يتلف من ذلك النتف ، وهو أن يمتنع بعد النتف فيطير متحاملا لنفسه ، ويسقط من شدة الألم فيموت ، فعليه ضمان نفسه ، ويسقط ضمان نقصه ، فإن كان مما يجب فيه شاة فعليه شاة ، وإن كان مما يجب فيه قيمته ، فعليه قيمته قبل النتف .
والقسم الثاني : أن يموت من غير ذلك النتف ، إما حتف أنفه ، أو من حادث غيره ، فليس عليه ضمان نفسه ، لكن عليه ضمان نقصه .
والقسم الثالث : أن لا يعلم هل مات من ذلك النتف أو من غيره ، فالاحتياط أن يفديه كله ، ويضمن نفسه : لجواز أن يكون موته من نتفه ، ولا يلزمه أن يضمن إلا قدر نقصه : لأن ظاهر موته بعد امتناعه أنه من حادث غيره .