فصل : فإذا ثبت تحريم قتل الصيد على المحرم وإيجاب الجزاء فيه فالباب يشتمل على ثلاثة فصول :
أحدها : إيجاب الجزاء على العامد .
والثاني : إيجاب الجزاء على الخاطئ .
والثالث : إيجاب الجزاء على العائد .
فأما العامد من قتله وهو : أن فالجزاء عليه واجب ، وقال يتعمد قتله مع ذكره لإحرامه مجاهد : لا جزاء على العامد في قتله ، وإن قتله ذاكرا لإحرامه إلا أن يكون عامدا من قتله ناسيا لإحرامه أو خاطئا في قتله ذاكرا لإحرامه أو خاطئا في قتله ناسيا لإحرامه _ فيجب عليه الجزاء . فأما العامد فيها فلا جزاء عليه ؛ قال : لأن الله توعده بالعقوبة بقوله تعالى : فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم [ المائدة : 94 ] ، فلم يجز أن يجمع بين الوعيد بالعقوبة وبين التكفير بالجزاء ، والدلالة عليه قوله تعالى : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] ، فأوجب الجزاء على العامد ، ولم يفرق بين عامد في القتل ذاكر للإحرام ، وبين عامد للقتل ، ناس للإحرام ، فكان الظاهر يقتضي عموم الأحوال ، ولأن الكفارة تتغلظ بأعظم الإثمين وتخف بأدونهما فلما وجبت بالخطأ كان وجوبها بالعمد أولى ، وتحرير ذلك قياسا : أنها نفس مضمونة بالتكفير خطأ ، فوجب أن تكون مضمونة بالتكفير عمدا للآدمي ، وما ذكره من الوعيد لا يمنع وجوب الكفارة للآدمي .