[ ص: 221 ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وعليه الهدي بدنة ، ويحج من قابل بامرأته ، ويجزئ عنهما هدي واحد " .
قال الماوردي : وقد ذكرنا أن الوطء ، مفسد للحج موجب للقضاء والكفارة ، وإذا كان لذلك فهذه المسألة تشتمل على ثلاثة فصول ، فالفصل الأول في إيجاب القضاء عليهما . والفصل الثاني في وجوب الكفارة عنهما ، والفصل الثالث في التفرقة بينهما ، فأما الفصل الأول في وجوب القضاء عليها ، فلا يخلو حال الواطئ والموطوءة من ثلاثة أقسام : إما أن يكونا محرمين معا ، أو يكون الواطئ محرما دون الموطوءة ، أو تكون الموطوءة محرمة دون الواطئ : فإن كانا محرمين معا فقد أفسدا حجهما ، ووجب القضاء عليهما ، : على وجهين : وهل ذلك على الفور في عامهم المقبل أو على التراخي
أحدهما : أن وجوب القضاء عليهما على التراخي لا على الفور فمتى شاءا كان لهما أن يقضيا في عام واحد وعامين : لأن القضاء ليس بأوكد من حجة الإسلام ، فلما كانت حجة الإسلام على التراخي ، فالقضاء أولى ؛ أن يكون على التراخي ؛ ولأن من العبادات التي يضيق وقتها ويجب فعلها على الفور إذا فاتت ، كان قضاؤها على التراخي كالصوم ؟ فالحج الذي نجعله على التراخي دون الفور بالقضاء أولى أن يكون على التراخي دون الفور .
والوجه الثاني : أن عليهما القضاء على الفور في العام المقبل وهو منصوص المذهب : لأن القضاء بالدخول فيه فلا يجوز تأخيره ، فقضاؤه يجب أن يكون مثله في حكم الأداء ، ثم كان الحج الذي قد ضاق وقته مطيقا فلا يجوز تأخيره ، فإذا ثبت هذا لم يخل حال الموطوءة من ثلاثة أقسام : إما أن تكون أجنبية وطئت بشبهة أو سفاح ، أو أمة وطئت بملك اليمين ، أو تكون زوجة وطئت بعقد النكاح ، ، فمؤونة الحج في القضاء واجبة في مالها دون مال الواطئ : لأن وطء الأجنبية غير موجب لتحمل المؤونة كالنفقة ، فإن كانت أجنبية وطئت بشبهة أو سفاح فمؤونة القضاء واجبة على السيد الواطئ دون الأمة الموطوءة ؛ لأنها لا تملك ما كسبت ، وإن كانت وإن كانت أمة وطئت بملك يمين ففي مؤونة حجها في القضاء وجهان : زوجة وطئت بعقد نكاح
أحدهما : في مال الزوجة الموطوءة ؛ لأن القضاء من عبادات الأبدان وما لزم الزوجة من عبادات الأبدان فالنفقة المتعلقة بها في مال الزوجة لا يتحمله الزوج عنها كحجة الإسلام .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب الشافعي : أن مؤونة القضاء في مال الزوج للواطئ : لأن القضاء إنما وجب بالوطء ، وحقوق الأموال المتعلقة بالوطء يختص بتحملها الزوج ، كالمهر والكفارة ، وإن كان الواطئ محرما دون الموطوءة فعلى الواطئ القضاء والكفارة دون الموطوءة ، وإن كانت الموطوءة محرمة دون الواطئ فعلى الموطوءة القضاء دون الواطئ ، والكلام في تحمل مؤونة القضاء على ما مضى .