مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : فمن لم يتعجل حتى يمسي رمى من الغد فإذا غربت الشمس انقضت أيام منى " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المبيت بمنى في ليالي التشريق سنة ، والرمي في الأيام الثلاثة نسك ، منى نفران ، فالنفر الأول في اليوم الثاني عشر ، والنفر الثاني في اليوم الثالث عشر ، فإن نفر في اليوم الأول كان جائزا وسقط عنه المبيت والنفر من بمنى في ليلته ، وسقط عنه رمي الجمار من غده .
وأصل ذلك الكتاب والسنة ، وإجماع الأمة قال الله تعالى : واذكروا الله في أيام معدودات [ البقرة : 203 ] ، يعني : أيام منى فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله [ البقرة : 203 ] .
وروى بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : عرفات ، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج ، أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه . . الحج
فإذا ثبت جواز التعجيل في النفر الأول فالمقام إلى النفر الثاني أفضل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعجل وأقام إلى النفر الثاني فكان الاقتداء بفعله أولى ؛ ولأن التعجيل رخصة ، والمقام كمال ؛ ولأن التعجيل قد ترفه بترك بعض الأعمال والمقيم لم يتركه .
فأما الإمام فينبغي أن لا يتعجل بل يقيم إلى النفر الأخير ليقيم الناس معه ويقتدوا به ، فإن تعجل فلا إثم عليه : لأنها في الإباحة كغيره .