فصل : ثم ينزل من الصفا فيمشي إلى المروة ، حتى إذا كان دون الميل الأخضر المعلق في ركن المسجد بنحو من ستة أذرع سعى سعيا شديدا ، حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد ودار العباس ، ثم يمشي حتى يرقى على المروة حتى يبدو له البيت إن بدا له ، ثم يصنع عليها مثل ما صنع على الصفا من قول وفعل ، وقد حصل له [ ص: 159 ] سعي واحد وليس واجبا ، وإنما الواجب أن يستوفي ما بين الصعود على الصفا والمروة الصفا والمروة ، وقال أبو حفص بن الوكيل : الصعود عليهما واجب ؛ لأنه لا يمكنه أن يستوفي الصعود بينهما إلا بالصعود عليهما ، كما لا يمكنه استيفاء غسل الوجه إلا بغسل شيء من غير الوجه ، ولا يستر العورة إلا بستر ما ليس بعورة ، وهذا الذي قاله يخالف إجماع قول الصحابة رضي الله عنهم ونص المذهب ، فأما إجماع الصحابة فما رواه الشافعي عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال : أخبرني من رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه يقوم في فرض في أسفل الصفا ولا يظهر عليه ، فلم ينكر ذلك أحد من الصحابة فثبت أنه إجماع .
فأما قوله : إنه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلا بالصعود عليه غلط ؛ لأنه قد يمكنه أن يلصق عقبه بالصفا ، ثم يسعى فإذا انتهى إلى المروة ألصق أصابع قدميه بالمروة فيستوفي ما بينهما ، وإن لم يصعد عليهما .