[ ص: 130 ] باب دخول مكة
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأحب للمحرم أن يغتسل من ذي طوى لدخول مكة " .
قال الماوردي : وهذا كما قال من السنة مكة لحج أو عمرة ، أن يغتسل لدخولها من بين لمن أراد دخول ذي طوى ، إذا كان طريقه عليها . لرواية عائشة " مكة اغتسل بذي طوى " . ولأنه يدخل إلى مجمع الناس لأداء عبادتهم ، واستحب له الغسل كالجمعة والعيدين ، فإن كان طريقه على غير أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد دخول ذي طوى ، اغتسل من حيث ورد من طريقه لدخول مكة ، لأن الغرض الاغتسال لا البقعة ، وقد كان عمر بن عبد العزيز يغتسل لدخول مكة من بئر ميمون : لأن طريقه كان عليها ، وإنما استحب الشافعي بين ذوي طوى ، اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم لمن سلك طريقه ، وقيل : سميت ذي طوى ، لبئر بها كانت مطوية بالحجارة ، ولم يكن هناك غيرها ، فنسب الوادي إليها ، فأما من خرج من مكة ليحرم بعمرة ، فاغتسل لإحرامه ، ثم أراد دخول مكة ، نظر ، فإن أحرم من موضع بعيد عن مكة كالجعرانة والحديبية ، فنختار أن يغتسل ثانية لدخوله مكة ، كما قلنا في الداخل إليها من غيرها ، وإن أحرم من موضع يقرب من مكة كالتنعيم أو أدنى الحل ، لم يغتسل ثانية : لأن الغسل إنما يراد للتنظيف وإزالة الوسخ عند دخوله ، وهو باق في النظافة بغسله المتقدم ، مع قرب الزمانين ودنو المسافة .