فصل : فإن فعل لم يجزه ، فلو أن مريضا ترجى سلامته ، وقد لزمه فرض الحج لم يكن له أن يستأجر من يحج عنه ، وقال ليس لمن قدر على الحج بنفسه أن يستأجر من يحج عنه في حياته أبو حنيفة : له أن يستأجر من يحج عنه ، كالمعضوب لأنه عاجز عن الحج بنفسه ، وهذا غلط لأنه وإن كان عاجزا في الحال ، فهو غير مأيوس منه فصار كالمحبوس ، وفارق المعضوب ، لأنه مأيوس منه وإن استأجر من يحج عنه نظر في حاله ، فإن صح من مرضه لم يجزه عن فرضه ، وإن مات في مرضه نظر في موته ، فإن كان قبل أن يحج عنه ، فقد أجزأه لوقوع الحج بعد موته في زمان تصح فيه النيابة عنه ، وإن كان موته بعد أن حج عنه ، ففي إجزائه قولان :
أصحهما : لا يجزئ اعتبارا بالابتداء .
والقول الثاني : يجزئ اعتبارا بالانتهاء ، ولو كان مريضا لا ترجى سلامته ولا برؤه : لكونه زمنا أو معضوبا ، جاز له أن يستأجر من يحج عنه في حياته لوجود الإياس من برئه ، فإن استأجر من يحج عنه ثم مات في مرضه ذلك قبل برئه أجزأه ذلك قولا واحدا ، وإن صح من مرضه ، وصار إلى حالة يقدر فيها على الحج بنفسه نظر ، فإن حج عنه بعد صحته لم يجزه وإن حج عنه قبل صحته ، فالصحيح من مذهب الشافعي وما نص عليه أن ما مضى لا يجزيه ، وفرض الحج باق عليه لفقد ما به من الإياس ، وفيه قول آخر أنه يجزيه وليس بصحيح .