مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن فعليهم الصدقة : لأن أول وجوبها كان وهم شركاء اقتسموها قبل أن يحل بيع ثمرها فلا زكاة على أحد منهم حتى تبلغ حصته خمسة أوسق . ( قال ورثوا نخلا فاقتسموها بعدما حل بيع ثمرها في جماعتها خمسة أوسق المزني ) هذا عندي غير جائز في أصله لأن القسم عنده كالبيع ولا يجوز قسم التمر جزافا وإن كان معه نخل ، كما لا يجوز عنده عرض بعرض مع كل عرض ذهب تبع له أو غير تبع " .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة : في ، فلا يخلو حال موته من أحد أمرين : إما أن يكون بعد بدو الصلاح ، أو قبله ، فإن مات بعد بدو الصلاح فقد وجبت عليه زكاتها ، وعلى الورثة إخراجها عنه وقت صرامها ، وليس للورثة الاقتسام لها قبل إخراج الزكاة عنها ، لتعلق حق المساكين بها ، فإن اقتسموا قبل إخراج زكاتها كان في القسمة وجهان : رجل مات وخلف نخلا مثمرا قدر ثمرتها خمسة أوسق فأكثر
أحدهما : باطلة إذا قيل بوجوب الزكاة في العين .
[ ص: 214 ] والثاني : جائزة إذا قيل بوجوب الزكاة في الذمة ، فإذا جاء الساعي مطالبا بالزكاة لم تخل حال حصصهم من الثمر من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون حصص جميعهم باقية .
والثاني : أن تكون حصص جميعهم تالفة .
والثالث : أن تكون حصص بعضهم باقية وحصص بعضهم تالفة ، فإن كانت حصة كل واحد منهم باقية في يده أخذ من كل واحد منهم الزكاة بقسط ما حصل له من الثمرة ، وإن كانت حصة بعضهم باقية وحصص الباقين تالفة أخذ الزكاة من الحصة الباقية ورجع صاحبها على ما في يد شركائه بقدر حصصهم من الزكاة ، وفيها وجه آخر : أن ذلك مبطل للقسمة على ما ذكرنا في الصداق ، وإن كانت حصة كل واحد منهم تالفة نظر ، فإن كان للميت تركة سوى الزكاة يتسع لأخذ الزكاة منها أخذ الزكاة من تركته ، ولا مطالبة له على ورثته : لأن وجوب الزكاة في ذمته ، فكان الرجوع بها في تركته أولى من الرجوع بها على ورثته ، وإن كان تلف المال المزكى من جهتهم : لأن أخذها من تركته أنقص كما لو ترك دينا وعينا وجب الرجوع بها فيما ترك من العين دون ما خلف دون الدين ، وإن لم يترك الميت سوى الثمرة التي اقتسم بها الورثة نظر ، فإن كان جميع الورثة موسرين بها أخذ من كل واحد منهم قدر حصته منها ، كما لو كانت باقية في أيديهم ، وإن كان بعضهم موسرا بها وبعضهم معسرا أخذ من الموسر ، وكان دينا للموسر على شركائه بقدر حصصهم كما لو بقيت حصة أحدهم .