[ ص: 182 ] [ ص: 183 ] الباب الثالث
في الموانع
وهي ثمانية ، الأول : الأبوة ، وفي ( الجواهر ) : على إحدى الروايتين . للأبوين منع الولد من التطوع بالحج ومن تعجيل الفرض
قاعدة : إذا تزاحمت الواجبات ، قدم المضيق على الموسع ، والفوري على التراخي ، والأعيان على الكفاية ; لأن التضييق في الواجب يقتضي اهتمام الشرع به ، وكذلك المنع من تأخيره ، بخلاف ما جوز تأخيره ، وكذلك ما أوجبه على كل أحد أهم عنده مما أوجبه على بعض الأفراد ، والأهم مقدم عند التعارض ، فلهذه القاعدة قدم حق الوالدين لكونه على الفور ، وكذلك حق السيد ، والزوج ، والدين الحال .
المانع الثاني : الرق ، وفي ( الجواهر ) : ، ويتحلل إذا منعه كالمحصر : وليس له تحليله بعد الإحرام بإذنه ; لأنه أسقط حقه ، قال للسيد منع عبده إن أحرم بغير إذنه سند : ظاهر ( الكتاب ) : يقتضي أنه ليس له منعه بعد الإذن وإن لم يحرم وقال اللخمي : إذا لم يحرم فله ذلك عند مالك ، وهو قول ( ح ) و ( ش ) بناء على أن التبرع لا يلزم بالقول ، وإذا قلنا بمنعه فرجع في إذنه فلم يعلم العبد فأحرم ، يخرج على تصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم بالعزل ، وقال ( ح ) : له إحلاله خلافا ل ( ش ) ، فإن إذنه له إعارة منافع ، وله - عنده - الرجوع فيما أعاره له ، [ ص: 184 ] والفرق على هذا التقدير : تعلق حق الله تعالى بالإحرام ، فهو كما لو أذن له ليرهن ، وفي ( الجواهر ) : ما لزمه من جزاء صيد خطأ ، أو فدية لإماطة أذى من ضرورة ، أو فوات حج بغير عمد ، لا يخرجه من ماله إلا بإذن سيده . فإن أذن له وإلا صام ، ولا يمنعه الصيام وإن أضر به إلا أن يهدي عنه أو يطعم ، وما أصابه عمدا فله منعه من الصيام الضار به في عمله ; لأن العبد أدخله على نفسه ، وليس من إذن السيد ، وقال وابن حنبل ابن حبيب : ليس له منعه ، نظرا لأصل الإذن ، وعليه قضاء الحج الفائت إن أحرم بإذنه مع الهدي إذا أعتق ، وإن أفسد حجه قال أشهب : لا يلزم سيده أن يأذن له في القضاء ; لأنها عبادة ثانية ، وقال أصبغ : عليه ; لأنه من آثار إذنه ، قال محمد : والأول الصواب ، وفي ( الكتاب ) : إذا باع رقيقه محرما جاز البيع وليس للمشتري إحلاله ، وقال ( ش ) و ( ح ) قياسا على النكاح ، وبيع المعتق والمريضة المجنونة وبيع السفن في الشتاء وقال في ( التبصرة ) : لا يجوز بيعه لتعذر الانتفاع به ، وإذا صح البيع فالخيار للمشتري في الرد بالعيب إن لم يعلم ، وقال ( ش ) : إن كان إحرامه بغير إذن سيده فله إحلاله ; لأنه انتقل إليه ما كان للبائع ، والبائع كان له إحلاله ، وقال ( ح ) : لا يرد المشتري البيع بحال ; لأن له إحلاله ، أذن البائع في الإحرام أم لا ، قال سحنون ابن القاسم : إذا أحرم بغير إذن سيده كان له فأحله ، ثم أذن له عاما آخر فحج قضاء عما حلله أجزأه وإن أهدى عنه أو أطعم لما حلله منه أجزأه وإلا صام هو ويجزئه ، قال سند : ينعقد إحرام العبد بغير إذن سيده عند الفقهاء كافة خلافا لأهل الظاهر ، قياسا على الصوم والصلاة ، ثم يجب على العبد الموافقة على التحليل ، فإن لم يوافق وكمل الحج أثم ولا هدي عليه ، وتحليله يكون بالنية والحلاق ; لأن رفض النية وحده لا يبطل الإحرام ، والحلق شأنه أن يكون بعد كمال النسك فأبطل الإحرام كالسلام إذا وقع في أثناء الصلاة فإنه يفتقر إلى النية في أثناء العبادة بخلاف آخرها ، ولزوم الدم له في التحليل مبني على أنه من باب المحصر أو من باب فوات الحج ، فعند أشهب من باب المحصر فلا يلزمه [ ص: 185 ] قضاء ، وفي هدي المحصر خلاف ، أشهب يوجبه ، وابن القاسم لا يوجبه ، ولابن القاسم : أنه من باب الفوت ويلزمه الهدي ، وجوز له في ( الكتاب ) : الإطعام فيه ، والفوات لا إطعام فيه كأنه رأى أنه جزء فعله فأشبه الفدية ، وقد أنكر يحيى الإطعام ها هنا ، وإذا قلنا : الدم ها هنا للفوت لم يجز فيه طعام ، وكان الصوم فيه عشرة أيام ، وإن قلنا : للتحليل فهو كالفدية ، وأما القضاء : فأسقطه مالك وأشهب قياسا على المحصر ، ونظر في الأول ; لأنه ها هنا واجب عليه ، وإذا قلنا : يلزمه ، فللسيد منعه من الهدي ; لأنه تصرف في ماله بغير إذنه ، ويبقى في ذمته ، وإذا أذن فمضى وأفسده : قال أشهب : لا يلزمه أن يأذن له في القضاء ; لأن الإذن الأول ما تضمنه ، وقال أصبغ : يلزمه ; لأنه من توابع الأول ، وإذا أذن له ففاته الحج ففي ( الموازية ) : عليه القضاء والهدي إذا أعتق ، وعلى قول أصبغ : له أن يقضي قبل العتق ، قال أشهب : لا يمنعه الاعتمار للفوات إن كان قريبا وإلا منعه ، ويبقى على إحرامه إلى قابل ، أو يأذن له في العمرة ، وإن أذن له ففعل ما يوجب فدية أو هديا : ففرق ابن القاسم بين تعمده وما يضر بسيده من خطئه ، وقاله ، وقال الشافعي ابن حبيب : لا يمنعه من الصيام وإن كان تعمد وأضر به ، وإن أذن له في التمتع أو القران لم يمنعه من الصوم إذا لم يأذن له في الهدي ، وأم الولد والمدبر والمعتق بعضه كالقن في ذلك ، وأما المكاتب : فله السفر فيما لا يضر بسيده ، فيخرج ذلك على ما لا يضر وما لا يضر بالسيد ، وقاله ابن القاسم .
المانع الثالث : الزوجة ، وفي ( الجواهر ) : على القول بالفور ، وعلى القول بالتراخي فقولان للمتأخرين كالقولين في المبادرة لقضاء رمضان وأداء الصلاة لما فيه من براءة الذمة والمبادرة إلى القربات . خشية الآفات ، ولو أحرمت بالفرض لم يكن له تحليلها ، قال بعض المتأخرين : إلا [ ص: 186 ] أن يكون إحرامها ضارا بالزوج لاحتياجه إليها ، كإحرامها من بلدها أو قبل الميقات ، ويحللها من التطوع كالمحصر ، فإن لم تفعل فللزوج مباشرتها وعليها الإثم دونه ، وفي ( الكتاب ) : إذا حللها زوجها وهي صرورة ثم أذن لها من عامه فحجت أجزأها عن فريضة الإسلام ، قال المستطيعة لفرض الحج ليس للزوج منعها سند : إذا كانت الزوجة أمة لا تحج إلا بإذن سيدها وزوجها عند مالك والأئمة ، وقال محمد بن الحسن : إذن السيد كاف ; لأن السفر حق له ، فيسافر بها ولو كره الزوج ، وجوابه : أن ذلك إذا كانت المنفعة عائدة على السيد ، وها هنا ليس كذلك ، فأشبه ما لو منعها من الزوج ، وإذا كانت الزوجة حرة وأحرم زوجها بالحج : فليس له منعها ، وإن لم تكن صرورة ; لأنها لا تعطل عليه استمتاعا ، وإن لم تحرم وهي صرورة : فقالمالك و ( ح ) : له منعها ، وقال وابن حنبل ابن القاسم : ليس له منعها ، والخلاف ينبني على الفور والتراخي ، وإذا قلنا : له المنع فله تحليلها ، ووجوب الدم يخرج على ما تقدم في العبد .
المانع الرابع ، استحقاق الدين وفي ( الجواهر ) : ، وليس له أن يتحلل ، بل يؤدي ، فإن كان معسرا أو الدين مؤجلا لم يمنعه من الخروج . لمستحقه منع المحرم الموسر من الخروج