[ ص: 448 ] الفصل الثاني : في . الغسل
وحكمته التأهب للقاء الملكين وهو واجب ، وقيل : سنة ، وفي مسلم : قال - عليه السلام - في ابنته : " " . فإن أعدنا الشرط على الجميع فقد وقف جملة الغسل على إرادتهن ، فلا يكون واجبا ، أو نقصره على العدد وهو الظاهر فيجب ; لأن الأمر للوجوب ، أو يقال : هذا خرج مخرج التعليم ، فلا يكون حجة إلا في الكيفية فقط ، وهو أيضا قاعدة صحيحة ; لأن الكلام إذا خرج في سياق الاستدلال به في غيره . وفي الفصل ثلاثة أنظار : ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ، واغسلنها ثلاثا أو خمسا إن رأيتن ، واجعلن في الأخير شيئا من كافور
النظر الأول في الغسل ، في الجواهر : إمرار الماء على جملة الجسد مع الدلك ، وكماله أقله ، ويوضع على سرير ليبعد عن فساد العفن ويتمكن من غسله ، وينزع قميصه ليعبر الهوى إليه فيبعد عن الفساد ، وقاله ( ح ) ، خلافا ( ش ) محتجا بأنه - عليه السلام - غسل في قميصه . جوابه : الاتفاق على طهارته فشابه من يحمل القميص لنجاسته بخلاف غيره ، فإنه نجس على رأي ، وتستر عورته ، قال حمله إلى موضع خال للسترة المازري : قال مالك في المدونة : السوءة فقط ، قال ابن حبيب : إلى الركبة ، وظاهر المذهب أن ، وعلى قول المرأة تستر من المرأة ما يستر الرجل من الرجل : جميع جسدها ، ولا يراعى الماء القراح ; لأن المقصود لقاء الملكين ، وإنما كره ماء الورد والقرنفل للسرف ; بل هو أفضل . سحنون
[ ص: 449 ] وكره احتراما له من نجاسة ، قال الغسل ، وإزالة النجاسة بماء زمزم ابن أبي زيد : ولا وجه له عند مالك وأصحابه ، وهو محمول عند بعض أشياخي على القول بنجاسة الميت ، أما على القول بطهارته فهو أولى لبركته ، وأما المسخن فكرهه الشافعية لإرخائه ، واستحبه ( ح ) لإنقائه ، وفي الجواهر مخير بينهما ، ; لقوله - عليه السلام - : " ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها ، ثم ينظف ليصادف الماء الطهور الأعضاء نظيفة طاهرة فلا يفسد ، ولا يفضي بيده إلى عورته إلا وعليها خرقة ، قال في المختصر : إلا لأمر لا بد منه ، ومنعه ويبدأ بغسل يديه ابن حبيب مطلقا ، ويعصر بطنه إن احتاج إليه ، ويتعهد أسنانه ومنخره بخرقة مبلولة ، ثم يوضأ على المشهور ، قال المازري : قيل في الأولى ; لأنها هي الفرض ، فيكون الوضوء معها ، وقيل في الثانية ; لأن الأولى تنظيف ، وفي الجواهر : ثم يضجع على جنبه الأيسر ليبدأ بغسل الأيمن ، ثم على الأيمن وذلك غسلة واحدة ، ثم يفعل ذلك ثلاثا ، وفي تكرير الوضوء في كل واحدة خلاف ، قال المازري : قال بعض : على القول بالتكرار يكون الوضوء غسلة واحدة حتى لا يصل إلى الرابعة المحرمة . وفي الجواهر : فإن حصل الإنقاء وإلا فخمس أو سبع ثم ينشف ، قال : وينجس الثوب الذي ينشف به ، وقال ابن عبد الحكم التونسي : لا يصلى فيه حتى يغسل . وكذلك كل ما أصابه ماؤه ، وقال : طاهر ، ويستعمل السدر ولا يسقط الفرض إذا قلنا الغسل للعبادة ، فيغسل بالقراح ثم يضاف السدر بعد ذلك ، فإن تعذر السدر فما ينقي ، والسدر أفضل لتنقيته مع شدة الأعضاء ثم الكافور في الأخير لجمعه بين العطرية ومضادة العفن وشدة الأعضاء ، خلافا ( ح ) فيه ; لقوله - عليه السلام - في ابنته : " سحنون " ، وإلا فغيره من الطيب ; فإن اغسلنها بماء وسدر ، واجعلن في الأخير شيئا من كافور ، أزيلت ولم [ ص: 450 ] يعد الغسل ، قال خرجت نجاسة بعد الغسل المازري : وقال أشهب : يعاد الوضوء ، وقال : يعاد الغسل ليحصل آخر أمره طهارة كاملة . وفي الجواهر : قال ابن حنبل ابن حبيب : إذا كثر الأموات يكتفى بصب الماء ، ويدفن بغير غسل من لا أهل له ، ، وفي الكتاب المجروح والمجدور الذي يخاف عليه أن يتزلع يصب عليه الماء ولا يتيمم . وفي الجلاب يؤخذ عزر القروح ولا تنكأ ، قال ويجمع النفر في قبر واحد المازري : قال مالك : يغتسل من غسل الميت أحب إلي ، خلافا لابن حبيب ; لأنه إذا وطن نفسه على الغسل بالغ في إنقائه ; قال صاحب المقدمات : ; لأنه غسل يفعل في الغير ، وكل غسل يفعل في الغير لا يفتقر إلى نية كغسل الإناء من ولوغ الكلب ، ولو قيل بالنية ولم يبعد . قال سند : فإن عدم الماء يمم عند ولا يفتقر إلى نية مالك ، و ( ح ) و ( ش ) ، كما يتيمم الحي ، ولو كان الماء يكفي أحدهما وهو جنب والآخر ميت ; فالميت أولى عند ابن القاسم ، وقال ابن وهب الحي الجنب أولى .
النظر الثاني في الغاسل ، قال المازري : قال مالك : ، واختاره ابن عبد الحكم ، وفي الجواهر : يغسل الرجل الرجل والمرأة المرأة ، والمرأة الصبي ابن سبع ، والرجل الصغيرة جدا دون السبع ، والفرق أن الصبية تشتهى للرجال في سن لا يشتهى الصبي فيه للنساء ، ومنع لا أحب للجنب غسل الميت بخلاف الحائض ابن القاسم في الصغيرة مطلقا ، والكبيرة لا يغسلها الأجنبي ولا تغسله ، بل ييممها إلى الكوعين ; لأنه مباح لذوي المحارم من المرأة وتيممه إلى المرفقين ; لما في أبي داود ، قال - عليه السلام - : " ، ومباحة الوطء إلى حين الموت بملك يمين أو بنكاح صحيح أو فاسد لا يقتضي فساده الفسخ إلى حين الموت ، أو فيه خيار عيب أو فيه لتزويج الأبعد مع الأقرب يغسلها وتغسله ، ويمنع في الفاسد الذي يفسخ إلى حين الموت ، والذي عقده غير الولي على ذات القدر مع وجوده ، والرجعية على ما في الكتاب ، وأجازه إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس معهم امرأة غيرها " ، أو الرجل مع النساء ليس معهن رجل غيره ، فإنهما ييممان [ ص: 451 ] ويدفنان ابن القاسم وقال : يحدث في إباحة الرؤية بالموت ما ليس قبله بسبب تجدد الميراث ، ولو تزوج أخت زوجته ، فأجاز ابن القاسم أن يغسلها ثم كرهه ، قال ابن حبيب : وإذا انقضت عدتها بوضع الحمل غسلته ، ووافقنا ( ش ) ، ومنع ( ح ) أن يغسل الزوج امرأته والسيد أمته ، وأجاز في الزوجة محتجا بأنها فرقة تبيح أختها ، فيحرم النظر إليها كالطلاق قبل الدخول . جوابه منع الحكم في الأصل على رأي أشهب ، ولئن سلمناه ; فالفرق أن الفرقة قبل الدخول تمنع الميراث ، والموت لا يمنعه فلا يمنع النظر . لنا ما في الموطأ : أن - رضي الله عنه - غسلته . وقالت أسماء بنت عميس زوج أبي بكر الصديق عائشة - رضي الله عنها - : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أزواجه . ويروى أن عليا - رضي الله عنه - غسل فاطمة - رضي الله عنها - ، قال المازري : وإذا غسلت المرأة ، قال : لها أن تكفنه ولا تحنطه لمنع الإحداد من الطيب ، وفي الجواهر : يستر أحدهما عورة الآخر ، وأجاز ابن الماجشون ابن حبيب كشفها قياسا على الحياة ، ويغسل ذو المحرم من فوق ثوب ، قال ابن حبيب : ويصب الماء عليها من تحت الثوب ويجافيه ; لئلا يلصق بجسدها فيصفه ، وتغسله من فوق ثوب [ ص: 452 ] عند ابن القاسم ، وفي الكتاب : يغسلنه ويسترنه ، قال التونسي : وظاهره التجريد ، وروي استحباب التيمم فيهما ، ولو حضر كافر من جنس الميت ، فقال مالك : يعلمه من حضر من النساء ، ويعلمها من حضر من الرجال ، ومنع أشهب لعدم الأمانة ، وجوزه ولاية الكافر والكافرة للغسل مع الاحتياط بالتيمم ، قال سحنون مالك : ، وإذا اجتمع من يصلح للغسل بدئ بالزوج ، فإن عدم أو امتنع فالأولياء على مراتبهم ، وتقدم البنت وبنت الابن في حق المرأة ; كالابن وابن الابن في حق الرجل ، ثم على الترتيب ، ويقضى للزوجين به إن طلباه ، وقال ولا يغسل المسلم زوجته النصرانية ، ولا تغسله هي إلا بحضرة المسلمين : لا يقضى للزوجة ، والفرق أن الزوج يجوز لأوليائه رؤيته مجردا بخلافها ، والرقيق كالأحرار في الزوجية ، ويتوقف استيفاء الحق على السادات . سحنون
النظر الثالث في المغسول : وهو ميت ليس بشهيد ، ولا فقد أكثره ، وفي الكتاب : كره ; خلافا لبعض الشافعية ، واختلف في تقليم أظفار الميت وحلق عانته ، واتباعه بالجمر : قال حلق الرأس مالك و ( ح ) : بدعة خلافا ( ش ) وابن حنبل ، واتفق الجميع على أنه لا يختن . لنا أن هذه لم تشتهر في السلف فتكون بدعة ، وقياسا على الختان ، قال سند : فلو أخطأ الغاسل ففعل ذلك ، ضم في الكفن ما زال مع الميت - قاله ابن حبيب وأشهب . قال : إن فعل المريض ذلك لتخفيف المرض فلا بأس ، وإن كان ليتهيأ للموت فلا ، قال سند [ ص: 453 ] ينبغي ألا يكره للموت ، ففي سحنون أبي داود : أن خبيبا لما اجتمع المشركون على قتله استعار موسى واستحد بها ، وموته على أحسن الهيئات أفضل ، قال ابن القاسم : ; لئلا ينثر بعضه وقاله ( ح ) ، خلافا ولا يظفر شعر المرأة لابن حبيب و ( ش ) ، قالت وابن حنبل في الصحيح : ظفرنا شعر بنت النبي - عليه السلام - ثلاث ظفائر ناصيتها وقرنيها والتي من خلفها . قال أم عطية أشهب : وينقى ما بين الأظفار من الوسخ ، وأما التجمير فله أربعة مواضع : عند خروج الروح ; كرهه مالك واستحسنه ابن حبيب ، وعند الغسل ; يستحب لقطع الروائح ولتجمير الثياب وهو متفق عليه ، وخلف الجنازة ; متفق على كراهته . قال - عليه السلام - في أبي داود : " لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ، ولأنه تفاؤل بالنار " .