[ ص: 410 ] الباب السادس عشر في . سجود القرآن
وفي الجواهر ، قال القاضي أبو محمد : هو فضيلة ، واستقرأ ابن محرز من قوله في الكتاب : ليسجدها بعد الصبح ما لم يسفر - أنه سنة وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : واجب على القارئ والمستمع محتجا بقوله تعالى : ( وابن حنبل وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) ، والذم دليل الوجوب ، ولأنه يترك له فعل الصلاة الواجبة ، وما يترك الواجب له فهو واجب ، والجواب عن الأول : ليس المراد القرآن كيف كان إجماعا ، وإذا كان مخصوصا بحمل كتاب الله تعالى على السجود المجمع عليه في الخمس أولى من المختلف فيه . وعن الثاني : أن المتروك هو القيام في غير الفاتحة ، وهو غير واجب ، وفي الموطأ : أن عمر - رضي الله عنه - قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل ، وسجد وسجدنا معه ، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود ; فقال : على رسلكم ، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء ، ولم ينكره عليه أحد فكان إجماعا .
[ ص: 411 ] فروع سبعة :
الأول في الكتاب : ليس في المفصل منها شيء : المص ، والرعد ، والنحل ، وبنو إسرائيل ، ومريم ، والأولى من الحج ، والفرقان ، والهدهد ، والم تنزيل ، وص ، وحم تنزيل ، قال القاضي في الإشراف وروي عنه أربع عشرة باقيها في المفصل ، وقاله ( ش ) ، و ( ح ) ، وخمس عشرة ثانية الحج مكملتها ، وفي الجواهر جمهور المتأخرين يعدون ذلك اختلافا ، والقاضي سجود القرآن إحدى عشر سجدة أبو محمد يقول : السجود في الجميع مأمور به ، وإنما الإحدى عشرة هي العزائم ، قال صاحب البيان المفصل : كله مكي ، قيل : أوله الحجرات ، وقيل : ( ق ) ، وقيل : الرحمن ، سمي بذلك لكثرة تفصيله ببسم الله الرحمن الرحيم بين السورتين ، وفي الصحيحين : . وفي أنه - عليه السلام - سجد في النجم وسجد من كان معه ، وفي إذا السماء انشقت ، وفي اقرأ باسم ربك أبي داود عن ، قال : عقبة بن عامر يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم ) . وذلك عند قلنا : يا رسول الله ، فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين ؟ قال : نعم ، من لم يسجدهما فلا يقرأهما ، والثانية عند قوله : ( مالك محمول على النسخ ; لإجماع قراء المدينة وفقهائها على ترك ذلك مع تكرر القراءة ليلا ونهارا ، ولا يجمعون على ترك السنة ، وفي أبي داود : المدينة ، قال أن - عليه السلام - لم يسجد في شيء [ ص: 412 ] من المفصل منذ تحول إلى سند : قال مالك و ( ح ) : سجد عند قوله تعالى : ( رب العرش العظيم ) . وقال ( ش ) عند قوله تعالى ( ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) . لنا أنه كلام متصل فيسجد عند آخره ، والمذهب أنه في ( ص ) عند قوله تعالى : ( وخر راكعا وأناب ) .
وروي عنه عند قوله ( وحسن مآب ) ، وفي الكتاب هو في تنزيل عند قوله تعالى : ( إن كنتم إياه تعبدون ) - وقاله ( ح و ش ) عند قوله تعالى ( وهم لا يسأمون ) . المدرك في ذلك أن السجود شرع عند أربعة أشياء : عند الأمر به ، أو مدح الساجدين ، أو ذم المستكبرين ، أو الشكر كما في ( ص ) ، والأمر هاهنا عندما ذكرناه . وفي الجواهر قال ابن حبيب : يسجد في الانشقاق في آخر السورة ، وقال القاضي عند قوله تعالى ( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) .
الثاني في الجواهر : ، ويكبر للخفض والرفع إن كان في صلاة ، وإلا ففي التكبير في الكتاب ثلاثة أقوال : رجع عن عدم التكبير إليه ، وخيره يشترط فيها شرائط الصلاة إلا السلام والإحرام ابن القاسم ، وفي أبي داود . وقال كان - عليه السلام - يقرأ القرآن ، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه ابن [ ص: 413 ] حنبل : يسلم . لنا القياس على الطواف وعمل السلف ، والفرق بينه وبين سجود السهو : أنه من توابع الصلاة ، فأعطي حكمها ، وهي من توابع القراءة والقراءة ليس لها إحرام ولا سلام .
الثالث في الكتاب : ، وإن كان في غير إبان صلاة وغير متطهر فلا يقرأها ويتعداها ; لما تقدم من قوله - عليه السلام - : " يسجد من قرأ السجدة في الصلاة وغيرها " ، ومن جهة القواعد أن ملابسة السبب توجب توجه الأمر ، فتركه حينئذ يقبح أما من لم يلابس السبب لا يكون تاركا للمأمور به ، ويعوض عن القراءة قراءة أخرى ، قال صاحب النكت : يترك ذكر السجود خاصة ، وقال من لم يسجدهما فلا يقرأهما سند : يترك ما لا يغير المعنى ولا نظام اللفظ ، وإذا تركها لعدم الطهارة فالمذهب لا شيء عليه ، وقال ابن الجلاب : يقرؤها إذا تطهر أو خرج وقت النهي ، ويسجد لها ، والأظهر المذهب ; فإن القضاء من شعار الفرائض ، وفي الكتاب : يقرؤها بعد الصبح إلى الإسفار ، وبعد العصر ما لم تتغير الشمس ، وقاله ( ش ) و ( ح ) ، وقاس في الكتاب : على صلاة الجنازة ، ومنع في الموطأ من ذلك للنهي عن الصلاة حينئذ ، وحكى سند الفرق عن مطرف بين الصبح فيسجد قياسا على ركوع الطائف ، وبين العصر فلا يسجد ، والفرق للمذهب بينه وبين النوافل : الاختلاف في وجوبه ، ويفعل في الصلاة وتترك له ، ولأن النفل تبع للفرض وهو تبع للقراءة وهي جائزة حينئذ .
[ ص: 414 ] تنبيه
فيه شبه الصلاة بالطهارة والسترة والقبلة والتكبير ، وشبه القراءة من جهة عدم الإحرام والسلام ، ولهذا الشبه جاز الطواف حينئذ لحصول فيه . قال في الجواهر : فإن لم يذكر حتى ركع في الأولى مضى على ركوعه ، وقال أشهب : ينحط للسجود ، وسبب الخلاف : هل تنعقد الركعة دون الرفع أم لا ؟ وإن قصد بالركوع السجدة لم تحصل له ; لأنه غير هيئتها ، وأشار ابن حبيب إلى جواز ذلك ، وإن قصد السجود فركع ففي اعتداده به قولان ، وإن ذكر وهو منحن خر لسجدته ، وإن لم يذكر حتى رفع لم يعتد بركعته عند ابن القاسم بخلاف مالك ، وإن ذكر منحنيا رفع متمما للركعة ، وإن ذكر بعد رفعه تمت ركعته ، ويقرأ السجدة فيما بعد ، وسبب الخلاف المتقدم أن نيته كانت للسجود ، وهو نفل والركوع فرض ، وفي إجزاء النفل إذا خرج من الفرض إليه خلاف ، وإذا أعادها في الركعة الثانية ، فهل قبل قراءة أم القرآن أو بعدها ؟ قولان للمتأخرين ، وقال أشهب : يسجدها وإن سلم ، وإن قصد السجود فركع وذكر وهو منحن فخر ساجدا ، قال ابن حبيب : إن طال الركوع بالطمأنينة سجد بعد السلام ; هذا إذا قلنا لا يعتد بالركعة ، أما إذا قلنا يعتد فيقرأ السجدة فيما بقي من صلاته ، ويسجد بعد السلام ، وقال المغيرة : لا سجود عليه ورجحه المازري لعدم الزيادة هاهنا ، قال سند : فإن لم يذكر السجدة حتى ركع في الثانية أتم نافلته ، فإن شرع في غيرها قرأ السجدة وسجدها ، ولا سجود عليه للإخلال بها في الأولى ، وهو في التلقين ; لأن السجود فضيلة ، وفي الجلاب يسجد ; لأنه سنة .
[ ص: 415 ] الرابع في الكتاب : ; لأنها زيادة في الصلاة ، فإن قرأها الإمام سجد بهم ، قال لا يقرؤها في الفريضة منفرد ولا إمام سند : قال ابن حبيب : يقرؤها في الفرض ويسجد ، ويعيدها في الثانية إذا نسيها في الأولى ، وحيث سجد فأعاد القراءة في الركعة الثانية سجد ، وإن أعادها خارج الصلاة لا يسجد إلا في مجالس ، أما المجلس الواحد فلا ، ولو سجد لجميعها ; فالركعات كالمجالس . وروى قرأ سجدات مختلفة في مجلس ابن وهب : يقرؤها الإمام في الفريضة ، وقاله ( ش ) ، وروى أشهب لا يقرؤها إلا أن يكون الجمع قليلا لا يخلط عليهم ، وقال ابن حبيب : لا يقرؤها في السر بخلاف الجهر - وقاله ( ح ) ; لأن الجهر لا تخليط فيه ، وفي الصحيحين : وابن حنبل هل أتى على الإنسان ) . ونحن نقول بموجبه فإن من قرأها سجدها ، وإنما الخلاف هل يقصدها أم لا ؟ وفي الجواهر : يسجد الإمام في النافلة ، وإن لم يأمن التخليط على المنصوص لفعل السلف ذلك في قيام رمضان ، ثم إذا قرأ السجدة في الفريضة وإن كان ممنوعا فليجهر بها للإعلام ، فإن لم يفعل فهل يتبع لوجوب متابعة الإمام ، أو لا يتبع لجواز أن يكون ساهيا ؟ قولان للمتأخرين . أنه - عليه السلام - كان يقرأ في صبح الجمعة بتنزيل السجدة ، و (
الخامس : كره في الكتاب ، قال صاحب النكت : إلا أن يضيف إليها جميع آياتها . قال قراءة السجدة وحدها المازري : المراد جملة آياتها ; لأنها مقصودة للسجدة لا للتلاوة ، وهو خلاف العمل .
[ ص: 416 ] السادس في الكتاب : ، ويكره الجلوس للسجود خاصة ، قال إذا لم يسجد القارئ يسجد المستمع المازري واللخمي : يسجد السامع مع القارئ بخمسة شروط : بلوغ القارئ ، وطهارته ، وسجوده ، وقراءته لا ليسمع الناس ، وقصد الاستماع من السامع ، وقال مالك في الموطأ : لا يتبع الرجل المرأة في السجود . وفي الجواهر : لا بد أن يكون أهلا للإمامة ، قال سند : فإن سجدها المعلم والمتعلم ، قال مالك : يسجد الآخر أول مرة فقط ، وقال أصبغ : لا يسجد مطلقا ; نظرا لأن هذا باب مشقة فيترك ، ولو فإن كان قريبا سجد ، وإلا رجع إلى قراءة السجدة ، وإذا لم يسجد الإمام ففي المستمع ثلاثة أقوال : يسجد عند سها القارئ عن السجود ابن القاسم قياسا على سجود السهو ، ولا يسجد عند ابن حبيب ; لأنه تبع ولم يوجد الأصل ، وخيره أشهب .
السابع في الواضحة : يسجد الماشي ، وينزل لها الراكب ; إلا في سفر القصر فيومئ على دابته .
فصل في الجواهر : سجدة الشكر مكروهة على المشهور عند بشارة أو مسرة وروي الجواز ، وقال به ابن حبيب ، وقال ( ش ) و ( ح ) : سنة . لنا أن النعم كانت متجددة على النبي - عليه السلام - والسلف وأعظمها الهداية والإيمان ، ولو كانت سنة لواظب عليها فكانت تكون متواترة ، احتجوا بأنه - عليه السلام - سجد لفتح مكة ، ولمجيء رأس أبي جهل إليه ، ولوصول كتاب علي - رضي الله عنه - إليه بإسلام همدان . وفي : سجد البخاري لما بشر بتوبة الله تعالى عليه . كعب بن مالك