الثالث : فيما نرويه عن الحافظ رحمه الله ، قال : " الذي أختاره في الرواية ، وعهدت عليه أكثر مشايخي ، وأئمة عصري : أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظا ، وليس معه أحد : " حدثني فلان " ، وما يأخذه من المحدث لفظا ، ومعه غيره : " حدثنا فلان " ، وما قرأ على المحدث بنفسه : " أخبرني فلان " ، وما قرئ على المحدث ، وهو حاضر : " أخبرنا فلان " . الحاكم أبي عبد الله
وقد روينا نحو ما ذكره عن [ ص: 143 ] صاحب عبد الله بن وهب مالك - رضي الله عنهما - وهو حسن رائق .
" ، أو من قبيل " حدثني ، أو أخبرني " لتردده في أنه كان عند التحمل ، والسماع وحده أو مع غيره ، فيحتمل أن نقول : ليقل " حدثني أو أخبرني " ، لأن عدم غيره هو الأصل . فإن شك في شيء عنده أنه من قبيل " حدثنا ، أو أخبرنا
ولكن ذكر الإمام ، عن شيخه علي بن عبد الله المديني الإمام ، فيما إذا شك أن الشيخ قال : " حدثني فلان " ، أو قال " حدثنا فلان " ، أنه يقول " حدثنا " . يحيى بن سعيد القطان
وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول : " حدثنا " ، وهو عندي يتوجه بأن ( حدثني ) أكمل مرتبة ، و ( حدثنا ) أنقص مرتبة ، فليقتصر إذا شك على الناقص ; لأن عدم الزائد هو الأصل ، وهذا لطيف . ثم وجدت الحافظ أحمد البيهقي - رحمه الله - قد اختار بعد حكايته قول القطان ما قدمته .
ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب ، وليس بواجب ، حكاه الخطيب الحافظ عن أهل العلم كافة ، فجائز إذا سمع وحده أن يقول : " حدثنا " ، أو نحوه ، لجواز ذلك للواحد في كلام العرب ، وجائز إذا سمع في جماعة أن يقول : " حدثني " ; لأن المحدث حدثه ، وحدث غيره ، والله أعلم .